من آلامه.
حصاد البشر
بينا نسمع علماء الاجتماع ينادون بمضار الحروب وينددون بها نشاهد رجال السياسة يصمون آذانهم عن سماع أقوالهم ويرسلون إلى ساحات القتال بأقوى الرجال وأنشطهم يهلكون بعضهم بأيدي الآخر. وآخر ما ذكرته مجلة الاجتماع الدولية قولها من مقالة أن فكر الحرية وحده تجعل الشعوب ولية أمرها فقط ولما فنيت رومية في فكر الاستيلاء والغلبة أضاعت عظمتها فامتد ظل الحروب المشئومة عَلَى الإنسانية وأصبح القحط في الرجال وذلك لأن حصاد البشر كان رديئاً. وضعف رومية بالحروب كان الحجة الأولى لغارات البربر. ومن العادات أن أحسن الرجال إذا أرسلوا إلى الموت يخلفهم المتوسطون الفاسدون. ومهما كانت الأسباب الداعية إلى الحرب فإن نتائجها تبذير في البشر فإن ماجنتا وورث وسيدان واينا وليبتسيك وواترلو التي جرت فيها تلك المعارك التي تشيب لها نواصي الأطفال ليست إلا مجموع عظام إنساني. وليت شعري من يعيد علينا أولئك الشبان والرجال الذين استوفوا نصيباً وافراً من الجمال فقضوا في ساحات النزال. وأنت خبير بما يقتضي قتل المرء أخاه من العدد والنفقة حتى قال فرانكين أن نفقات الحرب لا تؤدى خلال الحرب بل بعد أن تغمد السيوف في أغمادها. وإنا لنرى الأقوياء وأرباب النشاط من الناس في جهاد الحياة السلمي يتدبرون ويعملون وليسوا لتحصيل القوت في حاجة إلى الحرب يؤرثون نيرانها. وإنا لنرى إنكلترا التي بذلت في خارج بلادها قواها لا تستطيع أن تشاهد نصف أبنائها إذ قد سقطوا كلهم في الهند وزولولاند وكمبودج والترنسفال وغيرها وقد أفنت المستعمرات جميع أبناء الطيبين من الفلاحين وأهل الطبقة الوسطى أي العنصر القوي في الأمة. أما أميركا فلم تقو إلا في ظل السلم. وبعد فإن الحرب مهما كان من أسبابها المشروعة فنتائجها سيئة دع عنك إنها تثير في العالم الهواء الشريرة ولا يجب أن يعمد إلى الحرب إلا في أحوال خاصة لا مناص منها.
الفحم الحجري
يقول أحد رجال الإنكليز أن إسراف إنكلترا في الفحم الحجري من بلادها يدعو إلى نفاذه بعد 175 سنة. وقالت إحدى المجلات الألمانية أن أميركا التي تصدر ما يربو عَلَى نصف