جرائد إسبانيا عن ممالك أوربا أوهاماً وخرافات أشبه بما يروى عن بلاد الواق واق ويأجوج ومأجوج ولذا ترى صحفهم حتى الراقية منها مملوءة بالمطاعن فيمن يدعو قومه إلى الأخذ عن الفرنسيس أو عن الإنكليز في الضارة لأن الإسبانيين موقنون بأن عندهم كل شيء.
دلَّ التاريخ على أن إسبانيا نزلتها أمم مختلفة منهم التاتاريون واللوزيتانيون والإيبريون والسلتيون والقرطاجنيون والرومانيون والويزعوتيون والعرب والجيتانيون وإن كل هذه العناصر بقت شيئاَ من أخلاقها وعاداتها لم تستطع إسبانيا الحالية أن تمزجها بعضها إلى بعض (كما حدث في الممالك العثمانية وعناصرها) لاعتزال كل فريق في صقع من أصقاع البلاد لا يخالط غيره ويرى الفخر له في عزلته. ويقال على الجملة أن أهل إسبانيا من حيث التركيب الطبيعي ولاأخلاقي يقسمون إلى أربعة أقسام وهم الباسكيون في الشمال والقشتاليون والأراغونيون في الوسط والكاتالانيون في الشرق والأندلسيون في الجنوب. والأندلسيون من أجمل الأجناس وأطولها وأحسنها تراكيب ولا سيما سكان الوادي الكبير الذي كان شأن على عهد العرب وفي سيرانيفادا تغلب النحافة على السكان وتظهر فيهم الحسنات العربية كل الظهور. وفي هل الأندلس من الإفراط في الحرية والتساهل في الأخلاق مالا تجد له مثيلاً في الأصقاع حتى لقد يكثر فيهم الفحش وأولاد النغول ويقل فيهم الزواج وإقليم كاتالونيا هو الإقليم الوحيد في إسبانيا الذي دخل في الحياة الجديدة وتوفر أهله على الزراعة والصناعة والتجارة معاً ومن يذهب من قشتالة أو الأندلس إلى كاتالونيا فكأنه فاق الموت ودخل في طور الحياة وسينهض الكاتالانيون غداً بإسبانيا كما نهض البيونيون أمس بإيطاليا.
وذكر الكاتب الشحاذة في إسبانيا شائعة أكثر من جميع بلاد أوروبا وإن الشحاذين والشحاذات يطلبون الصدقات بسلاطة وقد يدعون على من لا يعطيهم كأن لهم جعلاً يتقاضونه من الغريب خاصة وربما رشق بعض الفتيات من لم يعطيهم شيئاً بالحجارة. وتشكو الصحف الكاثوليكية من ضعف الاعتقاد في الأفراد ولا سيما في الرجال ويسيء الأسبانيون معاملة الحيوانات لقلة تربيتهم لا لشراسة في طباعهم الأصلية فإنهم من أخضع الناس للقوة والأحكام يؤدون الأتاوات والخراج على صورة فاحشة ولا ينسبون ببنت شفة