للملوك العادلين والعلماء العاملين.
أبا الفدا إن الملوك بعد عصرك جمعوا كثيراً وضاعوا كثيراً جمعوا فكان ملكك بجانب ماملكوا جزءاً صغيراً جداً وما خلفوا إلا ما تحمر وجههم خجلاً منه يوم يأتون في الآخرة وقد شهدت عليهم لا لهم أعمالهم وأنت سعتد يمن وليت عليهم وسعدوا بك فأبقيت ذكراً لا تمحوه الأيام.
أنت علمت الخلق بأن القليل مع العقل بستفاد منه أكثر من الجزيل بدونه وإن وفرة المال والعقار لا تكون من السعادة في شيء إذا لم تسبقها نفس مهذبة بالآداب والفيلة وعقل يحسن التصرف بما يملك.
من لي بنظرة منك لترى ما حل بالعرب اليوم من التمزق والفساد في المعاش والمعاد والجيل والمطبق وضعف العقول. رئم اخلاف من حكمت للمذلة وخنعوا للاستبداد وتفرقوا تحت كل كوكب فرثى لهم الصديق وشمت بهم العدو وهانهم الدهر وكل ذلك بما يفعله سفهاء الأحلام من أمرائهم وعلمائهم أنهم كانوا ظالمين.
قم وانظر فقد بدلت الأرض بعد عصرك. اخترع الأفرنج في زماننا البخار والكهرباء ووفروا مرافق الحياة وقربوا الأبعاد وحسنوا العيش أما قومك فليس لهم من مدينة القرون الأخيرة إلا النظر وزادوا على جهلهم فساداً في أخلاقهم بحيث لم يبق لهم من الأمجاد إلا أن يعود إلى صحيفة أجدادهم ويفاخرون بما تم على أيدي أمثالك كالقرعاء تفخر بشعر أمها أو العجوز الشوهاء لا تفتأ تذكر ماضي شبابها.
قالزا إن نظام الحكومات بعد أيامك أرتقى وإنكم كنتم في عصر تقل فيه القوانين الوضيعة وكان أكثر العمل بالقوانين السماوية فمن لنا بعصرك فإن القوانين الوضيعة ارتقت ولكن عند غيرنا من أهل الغرب والقوانين السماوية أرعضنا عنا إلا قليلاً فلم نحسن تقليد المقتنين المحدثين ولا احتفظنا بتراث الأقديمن فكنا كالعقعق أراد أن يمشي كالحجل فنسي ولم يمش مثله بل كنا من الأخسرين أعمالأً.
رحماك أبا الفدا إن أمثالك أنفقوا أموالهم وأموال الأمة في شهواتهم على المغنين والمغنيات والكواعب الغانيات وأنت أنفتها على العلم والعلماء إنهم إذا كانوا جهلة أغبياء فقد كنت العالم المؤرخ الجغرافي الطبيب الحكيم ومصنفاتك شاهدة لك على غابر الدهر بأنك عالم