مجله المقتبس (صفحة 4688)

السلف فكانوا إذا طولبوا هربوا وأعرضوا فاضطر الخلفاء إلى الإلحاح في طلبهم لتوليه القضاء والحكومات فرأي أهل تلك الأعصار عز العلماء وإقبال الأئمة والولاة عليهم مع إعراضهم عنهم فاشرأبوا لطلب العلم توصلاً إلى نيل العز ودرك الجاه من قبل الولاة فأكبوا على علم الفتاوى وعرضوا أنفسهم على الولاة وتعرفوا إليهم وطليوا الولايات والصلات منهم فنهم الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبين طالبين وبعد أن طانوا أعزة بالأعراض عن السلاطين أذلة بالإقبال عليهم الأمن وفقه الله في كل عصر من علماء دين الله وقد كان أكثر الإقبال في تلك الأعصار على الفتاوى والأقضية لشدة الحاجة إليها في الولايات والحكومات ثم ظهر بعدهم من الصدور والأمراء من يسمع مقالات الناس في قواعد العقائد ومالت نفسه إلى سماع الحجج فيها فعممت رغبته إلى الماتظر والمجادلة في الكلام فأكل الناس على علم الكلام وأ: ثروا فيه التصانيف ورتبوا فيه طرق المجادلات واستخرجوا فنون المناقضات في المقالات وزعموا أن غرضهم النب عن دين الله والنضال عن السنة وفمع المبتدعة كما زعم من قبلهم أن غرضهم بالاشتغال بالفتاوى الدين وتلقد أحكام المسلمين إشفاقاً على خلف الله ونصيحة لهم ثم ظهر بعد ذلك من الصدور من لم يستصوب الخوض في الكلام وفتح باب المناظرة فيه لما كان قد تولد من فتح بابه من التصعبات الفاحشة والخصومات الفاشية المفضية إلى إهراق الدماء وتخريب البلاد ومالت نفسه إلى المناظرة في الفقه وبيان الأولى من مذهب الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما على الخصوص فترك الناس الكلام وفنون العلم وانثالوا على المسائل الخلافية بين الشافعي وأبي حنيفة على الخصوص تساهلوا في الخلاف مع مالك وسفيان وأحمد رعمهم الله تعالى وغيرهم وزعمواً أن غرضهم استناط دقائق الشرع وتقرير علل المذهب وتمهيد أصول الفتاوى وأكثروا فيها التصانيف والاستنباطات ورتبوا فيها أنواع المجادلات والتصنيفات وهم مستمرون إلى الآن وليس ندري ما الذي يحدث فيما بعدنا من الأعصار فهذا هو الباعث على الأكباب على الخلافيات والمناظرات لا غير ولو مالت نفوس أرباب الدنيا إلى الخلاف مع أمام آخر من الأئمة أو علم آخر من العلوم لمالوا أيضاً معهم ولم يسكتوا عن التعلل بأن ما ساتغلوا به علم الدين وأن لا مطلب لهم سوى التقرب إلى رب العالمين اه.

هذا موجز من تاريخ المتخلفين في الدين وصف به حجة الإسلام طغمتهم في عصره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015