مجله المقتبس (صفحة 4685)

أعداء الإصلاح

الطرق شتى وطرق الحق مفردة ... والسالكون طريق الحق أفراد

لا يعرفون ولا تدري مقاصدهم ... فهم على مهل يمشون قصاد

والناس في غفلة عما يراد بهم ... فجلهم عن سبيل الحق رقاد

ما خلا عصر من عصور الإسلام من أعدء لكل جديد ومن جامدين ينكرون ما بلا يألفون. فقد لقي المعتزلة والفلاسفة والمتكلمون والنظار من أعداء العقل كل شدة في القرون الراقية وكان عقل الملوك هو الذي يحول على الأغلب بين الجامدين وبين ما يشتهون من الأعتداء على القائمين بتأييد سنن العقل والناصرين بأقوالهم وأفعالهم مذاهب السنة والنقل. ومن نظر نظرة مجردة عن الفرض في سيرة المناهضين للمصلحين على اختلاف الأعصار بجهدهم جروا على غير ما يعتقدون وطلبوا بمقاومة المصلحين إرضاءً العامة ونيل الحظوى لديهم واستتباع الجاهلين من الملوك والسلاطين وقليل جداً من كان الإخلاص رائدهم في أعمالهم ومآتيهم.

يقاوم في العادة الخامل النابه لتكون له مكانة كمكانته، ويتحامل الجاهل على العالم ليعرف بين قومه بأنه قسيمة في صناعته ومثيلته في فضيلته ويطعن الجامد الممخرق بمن يحب أن يعبد الله بعقل ويبحث في عالم الكون والفساد بروية ليتظاهر بأنه بعيد الغور شديد الغيرة وما أقواله الأرياء وما أفعاله إلا وساس وأهواء.

لقي المصلحون من الأهاويل في الأمة العربية مما لقيه أمثالهم في الأمم الأخرى فيما نحسب وخصوصاً بعد القرن السابع وقو توزعت بلاد الإسلام ملوك الطوائف وكان أكثرهم على جانب من الجهل والغباوة لا يهمهم الإرضاء المشعوذين بالدين ليحولوا العامة أليهم فيقوى بهم ضعفهم وستعينون بهم على تكبير رقعة ممالكهم وبسط ظل سلطانهم على النفوس فيستمتعون بشهواتهم وبذخهم ورفاهيتهم.

عجبت لمتاع الضلالة بالمدى ... ومن يشتري دنياه بالدين أعجب

وأعجب من هذين من باع دينه ... بدنيا سواه فهو من ذين أعجب

ساعد على الانتقام من العالمين العاملين ناس من أرباب المذاهب سرت أحكامهم بقوة أربابها فكان الحكم يجري على المبتدعة وأرباب الأهواء بزعمهم بموجب قوانين لهم سنوها ومنها المذهب المالكي الذي كان يحكم قاضيه بقتل أكبر عالم في الأمة - والقتل يعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015