مجله المقتبس (صفحة 4621)

سرت مقفرة ومن الشرق خضراء نضرة وهي برقة ومن نحو فزان مصخرة. وبلاد طرابلس أشبه بالصحراء وفي الساحل مناجم الكبريت وفي بحيرة قزان المالحة النطرون وشجر الحلفا ببناء تجارة الإنكليسز والصناعات محصورة في المدن الكبرى مثل طرابلس وبنغاري واشتهر بالتجارة سكان وغدامس وكانت القوافل تسير من طرابلس إلى داخلية إفريقية تحمل الأقمشة والخردوات والأسلحة والزجاج والبارود وتعود منها بالعاج والجلد والصمغ والشمع وريش النعام والتبر.

وسكان طرابلس مزيج فالبربر ينزلون الجبال والعرب السهول ويكثر فيها الزنوج لأن سوق الرقيق قبل إبطاله كانت فيها رائجة وفيها نحو خمسة آلاف مالطي لقرب سواحلها من جزيرة مالطة وهم منتشرون في المدن الساحلية كما أن فيها زهاء ألف إيطالي ومحو خمسة آلاف يهودي أكثرهم في السواحل وليس في أخل البلاد مسيحيون أصليون وكانت طرابلس من أهم المدن التجارية ومنها كانت تسير القوافل المهمة إلى داخلية إفريقية فما برج الفرنسيس منذ استولوا على تونس يحاولون سلبها هذا المركز حتى فقدت مركزها التجاري وتحولت وجهة القوافل إلى تونس وخصوصاً بعد أن عمرت إنكلترا أعالي النيل والسودان الشرقي وفتحت الطرق الجديدة إلى بحيرة تشاد من النيجر والكنونغو فلم تعد برقة مركز الاتصال بين الساحل واواسط إفريقية.

وكان اليونان في القرن السابع بل الميلاد أشأوا مدينة برقة متخيرين لها لجودة هوائها وغناها وازهرت على أيامهم كما أزهرت قرطاجنة واغتنى أهل برقة بتجاراتهم الواسعة مع داخلية إفريقية إلا أنهم انصرفوا إلى اليذخ والرفاهية فاضمحل عمرانهم بعد أن أخرجت برقة مثل أرشيب الفيلسوف وكاليماك وأيراتوستين وخلف بنوها من الآثار التاريخية التي تدل على عظمتها اليوم خرائبها المدهشة.

وتاريخ طرابلس الغرب القديم غارق في ظلمات الخلفاء لا يعرف عنه إلا أن البربر بعض سكانها الحاليين كانوا فيها. وقبل المسيح ببضعة قرون كانت أنحاء طرابلس بيد الفينيقين وقسم منها للقرطاجيين أما جهة برقة فاتخذها اليونان مهجراً كما يهاجرون اليوم سواحل مصر وغيرها، ولقد أنشئت في جهات طرابلس ثلاثة بلاد (تربوليس) ومنها اشتق اسمها فقال العرب طرابلس وأنشأ اليونان في جهة برقة خمس قصبات سموها يندابوليس ثم صار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015