من بيوع الصوف والفلفل والعسل والشمع والزيت وضروب المتاجر الصادرة من المشرق والواردة من المغرب وشرب أهلها من ماء المطر في مداجن تدخر وأسعارها في أكثر الأوقات فائضة بالرخص في جميع الأغذية.
ويليها أجابية مدينة على صحاح من حجر في مستوى بناؤها من طين وآجر وبعضها بحجارة ويطيف بها من أحياء البربر خلق كثير ولها زروع مباخس وليس بها ولا ببرقة ماء جار وبها نخيل حسب كفايتهم وبمقدار حاجتهم وواليها القائم لما عليها من وجوه أحوالها وصدقات بربرها وخراج زروعهم وتعثير خضرهم وبساتينهم هو لا ميرها وصاحب صلاتها ولها من وراء ذلك لوازم على القوافل الصادرة والواردة من بالد السودان وهي قريبة من البحر ترد عليها المركب بالمتاع والجهاز وتصدر عنها بضروب من التجارة وأكثر ما يخرج عنها الأكسية المغاربة وشقف الصوف وشرب أهلها من ماء السماء.
وأوجلة منها على أيام بين غربها وجنوبها وهي بلد ذات نخيل عظيمة وغلات لتحصل منها لأهلها جسيمة ومنها إلى ودان طريق قصد هذه ناحية ومدينة في جنوب مدينة سرت وهي جزيرة لا لقصر في رخص التمور وكثرتها وجودتهاعن أوجلة. وسرت مدينة ذات سور صالح كالمنيع من طين وبها قبائل من البربر ولهم مزارع وهي على البحر ترد عليها المراكب بالمتاع وتصدر به عنها من جهاز الصوف ما لا يقصر عن أجدابية وبرقة.
وأما طرابلس فكانت قديماً من عمل إفريقية وسمعت من يذكر أن عمل إفريقية لما كانت طرابلس مضافة إليها معروف معلوم وذلك أنه من صبرة وهي منزل من طرابلس على يوم وهي مدينة من الصخر الأبيض على ساحل ابحر خصبة حصينة كبيرة صالحة الأسواق واسعة الكورة كثيرة الضياع والبادية وارتفاعها دون برقة وبها من الفواكه الطيبة اللذيذة الجديدة الشبه بالمغرب وغيره كالفرسك والكثري اللذين لا شبه لهما في كثير من المواضع وبها الجهاز الكثير والصوف المرتفع وطيقان الأكسية الفاخرة الرزق النفوسية الرفيعة الثمينة إلى مراكب تحط عليها ليلاً ونهاراً وترد بالتجارة على مر الأوقات والساعات صباحاً ومساءً من بلد الرزم وأرض المغرب بضروب الأمتعة والمطاعم وأهلها قوم موقرون من بين من جاورهم متميزين بالتجمل في اللباس وحسن الصورة والقصد في