في المدرسة.
قال ملك البروسيين ذلك اعترافاً منه بأن رقي التعليم الفرنسي وقتئذٍ عنه في بروسيا كان سبباً في انتصار الفرنسيين على البروسيين لذلك أفراغ البروسيون جهدهم في إصلاح التعليم بمملكتهم وحذا حذوهم جميع المملك الجرمانية الأخرى وانضمت جميعها تحت لواء الإمبراطورية الألمانية وخطا التعليم فيها خطوات واسعة ونبغ كثير من أئمة التربية في ألمانيا حتى جاءت سنة 1870 فحارب الألمانيون الفرنسيين وكسروهم وأخذوا منها الألزاس واللورين ولكنهم في الحقيقة لم يأخذوا هاتين المقاطعتين في ساحة القتال، بل اكتسبوهما في المدرسة.
إني لا أرى أن حالتنا الحاضرة تسمح لنا بمجاراة ألمانيا والسويد مثلاً في برامج مدارسها الأولية إذ هذا يحتاج لمالٍ أكثر مما يمكننا تديمه الآن - وعدد من المدرسين الأكفاء لا يمكننا الحصول عليه إلا بعد بضع سنين.
فأرى أن نتبع الخطة الطبيعية ونبدأ صغاراً ثم نرتقي مع الزمن وبعد التجارب أراني مقتنعاً بنشر التعليم بواسطة الكتاتيب في الوقت الحاضر فإن المال الذي تحتاجه مثل هذه المعاهد قليل ومدارس معلمي الكتاتيب التي أخذت تنتشر في القطر كفيلة بتخريج العدد الكافي من المدرسين ما بين فقهاء وعرفاء فيجب علينا إذن أن يكون لدينا من الكتاتيب ما يفي بحاجة هذه الأمة.
ولتنفيذ ذلك يجب على كل فرد غني أن يساعد الحكومة في إيجاد مثل هذه المعاهد وزكاة المال التي هي ركن من أركان الإسلام والتي من أجلها حارب أبو بكر الصديق رضي الله عنه المرتدين من العرب هذه الزكاة كفيلة ببناء الكتاتيب.
لذلك أقول ثانياً يجب على كل فرد غني منكم ومن جميع أبناء هذا القطر من حلفا إلى البيت الأبيض أن يقدم زكاة ماله لمواطنيه في شكل يفيد الجميع ولا أرى أفيد من إنشاء معاهد التعليم في الوقت الحاضر.
ترمي التربية الحقة إلى ثلاثة أمور تهذيب الجسم والأخلاق والعقل. فالتربية الجسمية مهمة جداً إذ يترتب عليها تخريج رجال ونساء أشداء أقوياء يقدرون على القيام بواجباتهم المختلفة ولأن العقل الحكيم في الجسم السليم.