مجله المقتبس (صفحة 451)

المملكة الفارسية - علم بما مضى أن دارا أخضع المملكة المختلسة وأعاد مملكة الفرس وقد وسع نطاقها بفتح تراس تراثياً وهي اليوم بلاد البلغار والروملي وولاية من الهند. وكان ينضم تحت لوائه شعوب الشرق أجمع من ماذيين وفرس وآشوريين وكلدانيين ويهود وفينيقيين وسوريين وليديين ومصريين وهنديين فكان سيف سطوته يحمي الأصقاع الواقعة بين نهر الدانوب الطونة غرباً ونهر الأندوس (السند) شرقاً وبين بحر الخزر شمالاً إلى شلالات النيل جنوباً. مملكة لم يعهد لها مثيل في الضخامة (120 مملكة) بيد أن قبيلة جاءت بعد واستولت على تركة الممالك الآسيوية بأجمعها.

أقيال الفرس - قلما يعنى ملوك الشرق بأمر رعاياهم إلا ليستنزفوا أموالهم ويمتهنوا في سبيل سلطانهم أبناءهم وينالوا مديحهم وثناءهم وما قط أخذوا أنفسهم بالنظر في شؤون من يحكمونهم. وكان شأن دارا في هذا المعنى شأن سائر ملوك الشرق ترك كل قبيل في بلاده يحكم نفسه على ما يشاء ويشاء هواه محتفظاً بلغته ودينه وشرائعه وأحياناً برؤسائه وسادته من قبل. على أنه كان يعنى بتنظيم دخل المملكة الذي يتقاضاه من رعاياه فقسم بلاده إلى عشرين حكومة سماها إمارة. وكان في كل حكومة شعوب مختلفة كل الاختلاف سواء كان بلغتها أو بعاداتها ومعتقداتها وكان على كل حكومة أن تؤدي مسانهة خراجاً معيناً بعضه نقد ذهب وفضة وبعضه غلات ونواتج قمح وخيل وعاج فيتقاضى حاكم كل مقاطعة أو قيلها ممن وسد إليه أمرها الخراج ويبعث به إلى مولاه الملك.

دخل المملكة - بلغ مجموع دخل الملك ثمانين مليوناً بسكة زماننا ما عدا خراج الغلات. وإذا اعتبرنا قيمة النقود في ذاك العصر فإنها تعادل ستمائة مليون جنيه في أيامنا. وكان الملك ينفق هذا على حكومته وجيشه وخاصته وبذخ قصره ويبقي عنده كل سنة سبائك عظيمة من العين يدخرها في صناديقه وكان ملك الفرس مثل سائر المشارقة يرى امتلاك الكنوز العظيمة من دواعي الأبهة والتمجد.

السلطان الأعظم - لم يكن في العالم أغنى ولا أقدر من ملك الفرس فقد كان اليونان يدعونه السلطان الأعظم. (ملك الملوك شاهنشاه) وكان له كسائر ملوك الشرق سلطة مطلقة على رعاياه كافة فرساً كانوا أم غيرهم من سائر الشعوب الخاضعة لعرشه. وأنت ترى فيما ذكره هيرودتس كيف كان كمبيز يعامل أعظم سادات قصره: سأل يوماً بريكستاسب (بري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015