الطابور أم التابور
كان الكتاب دائماً يقولون دائماً الطابور ومنذ وقف أحد أعضاء نادي دار العلوم على كلمة تابور في تاج العروس وأذاعها بين الناس لم نعد نرى إلا القليلين يكتبون الكلمة بالطاء والسبب أن ورود الحرف المذكور منصوص عليه بالتاء في التاج ولم يتعرض له بالطاء. فيستنتج أن الطابور عامية وبالتاء أفصح.
قلنا:
1 - إن تعاقب التاء والطاء وبالعكس بالعربية مما لا يحتاج إلى التصريح به. فإن الألفاظ من هذا القبيل تعد بالمئات لا بالعشرات. ربما تستطيع أن تملأ نصف عدد من أعداد المقتبس بمثل هذه الكلم التي تتعاور فيها التاء والطاء. على أننا نجتزئ بذكر بعضها من ذلك: القطر والقتر (الناصبة). وما أسطيع وما أستيع. وهرت الثوب وهرطه. وطاح وتاه. وعفت في كلامه وعفط. (لواه عن وجهه وكسره لكنةً) وذهب دمه تلفاً وطلفاً. . . وعليه فتكون تابور وطابور من هذا الباب ولا سيما لأن كلتا اللغتين مشهورتان.
2 - عدم ورود لفظة في ديوان لغة لا ينفي صحتها. لأن المعاجم لم تدون جميع ألفاظ العرب. وحسبك دليلاً على ذلك أن المعاجم التي أنشئت في صدر الإسلام هي دون المعاجم المؤلفة أخيراً في السعة وكثرة تعدد الألفاظ؟ أفيستنتج من ذلك أن ما جاء في هذه الكتب المتأخرة هو من أوضاع العوام أو دون الأولى فصاحة. مع أن ما قيد ودون في أخريات هذه الأزمان قد يكون أقدم عهداً مما جاء في دواوين اللغة المؤلفة في القرون السابقة.
3 - ليست طابور محرفة عن تابور وإنما الطابور كلمة دخيلة قديمة العهد في العربية ربما كانت قبل سنة 73 هـ (1331 م) وأما تابور بالتاء فإنها حديثة العهد لم تدخل لسان آل عثمان إلا بعد سنة 1561 م (969) ولم ترد في كتب العرب إلا بعد شيوع اللفظة التركية بين العثمانيين. والذي استنزل أهل النادي للقول بعربية اللفظة وجودها في تاج العروس بلا تنبيه على عجمتها. بيد أن صاحب التاج كثيراً ما يغفل عن أصل اللفظة. وإلا فسائر أمهات اللغة ودواوينها القديمة لا تذكرها وأما طابور بالطاء فأقدم منها بكثير. فقد جاء في تاريخ ابن خلدون المغربي في كلامه عن أحبار سيف ذي يزن: ولما استوثق لذي يزن