انصرفت أفكار الباحثين إلى درس طبائع المرأة ومميزاتها الجنسية وخلائقها الخاصة على أثر ما كان من نهوض المرأة لمباراة الرجل في ميدان الاقتصاد وتشوقها بعد ذلك إلى مشاركته في الحقوق السياسية فتوفر على هذا البحث جماعة من العلماء الأعلام عنوا بتمحيصه وتجريده مما لصق به من خرافات الأقدمين وأوهامهم جارين على أسلوب علمي لا يدع مجالاً للظن والشبهات العالقة بآراء الأقدمين والسادلة على الحقيقة ستاراً من الغلو ينهض بالمرأة إلى مستوى الملائكة أو يحطها إلى دركات الجحيم ومن الغريب أننا لا نجد باحثاً تصدى للموضوع إلا زعم أنه بين حقيقة المرأة وكشف عن أسرار نفسها على أن معظمهم جهلوا طبائعها الأصيلة وخواصها المميزة فجاءت أبحاثهم مهزعة فاسدة المقدمات والنتائج ولم يفرق بعضهم بين صفاتها الخلقية وبين الصفات العارضة التي اكتسبتها في أحوال خاصة.
وربما اتفق العلماء أن رأوا المرأة في حال الضعف أو الخوف أو الاحتيال أو الرياء فزعموا أن هذه الصفات من طبائعها الخلقية وانتقلت هذه المزاعم إلى الأخلاف في الأجيال المتوالية فهي لا تزال تستنكف أو تعجب اليوم بطبائع في المرأة أتت عليها سنة النشوء والارتقاء فبدلتها أو محتها. ولقد مرت على المرأة عصور وهي بعيدة عن الحياة الفكرية والعملية تراد على الطاعة العمياء لوليها فكانت أشبه بالأطفال غير أن الزمان تغير والمرأة تبدلت وبقي معظم علماء النفس واقفين عند الآراء القديمة يحسبونها رقيقة غاية حياتها خدمة الرجل.
تملصت المرأة من آثار الجمود وشاركت الرجل في الحياة العملية وتركت في زوايا القرون صفاتها القديمة وتخلقت بأخلاق جديدة فلا تصح فيها آراء المغالين في اعتبارها ولا المغرقين في امتهانها.
ولا بد للباحث أن يتساءل هل للمرأة صفات نفسية خاصة بها تميزها عن الرجل وما هي تلك الصفات الجنسية التي لا يؤثر فيها مركزها الاقتصادي والاجتماعي؟
يقول علماء الحياة باختلافات جوهرية بين الخليتين اللتين تولد الحياة من انضمامهما وأن شروط الحياة متوفرة في الخلية المذكرة أما الأنثوية فهي هادئة شديدة الاحتفاظ بقوتها العضوية وهذه الصفات تبدو آثارها في الأحياء وكلما ارتقى الجنس البشري كانت