معربة عن كتاب تاريخ الحضارة
دين زردشت
إيران - بين نهري دجلة والسند وبحر الخزر والخليج الفارسي صقع عظيم يعرف ببلاد إيران تبلغ مساحته خمسة أضعاف مساحة فرنسا أو تزيد ولكن معظمه مجدب قاحل فهو يتألف من صحارى رمال محرقة ومن أنجاد باردة قارسة تشقها أودية عميقة شجراء وتحيط بها جبال شاهقة. وإذ حيل بين الأنهار وجريها فهي لا تسير إلا ريثما تضيع في الرمال أو في بحيرات مالحة. ويشتد هواء هذه البلاد ويتقلب فيكون حراً في الصيف وقراً في الشتاء وقد يجتاز من يهبط هذه البلاد من منطقة تبلغ درجة حرارتها نحو 32 تحت الصفر إلى منطقة حرارتها 45 سنتغراداً بمعنى أن تلك البلاد جمعت إلى برد سيبيريا حرارة السنغال. وهناك تعصف الرياح الزعازع فتفعل في الأجسام فعل الحسام. بيد أن الأودية وضفاف الأنهار مخصبة منبتة. وهذه البلاد هي ولا جرم مصدر الدراق وشجر الكرز ومستنبت الثمار والمراعي.
الإيرانيون - سكنت بلاد إيران قبائل من الآريين (القاطنين ببلخ أي بكتريا وهي الوطن الأصلي للجنس الآري) كانوا كسائر أبناء هذه البلاد جنساً من الرعاة المسلمين المحاربين. ولقد كان الإيرانيون يقاتلون على ظهور الخيل ويطلقون السهام ويلبسون ألبسة من الجلد يجعلونها وقاية على أبدانهم من هواء بلادهم الشديد.
زردشت - عبد الإيرانيون أولاً ما عبده قدماء الآريين من قوى الطبيعة وخصوصاً الشمس ميترا وقام بين أظهرهم حكيم اسمه زردشت (مه أباد وله كتب كثيرة منها ما له علاقة بالشريعة ثم ظهر زردشت وأصلح هذا الدين) ويدعوه الإفرنج زرواستر فأصلح ديانة الإيرانيين بين القرن العاشر والسابع قبل الميلاد ولم يبلغنا من أخباره غير اسمه. الزاندافستا (الزندو بازندوافستا) - لم يبق شيءٌ مكتوب يؤثر عن زردشت ولكن تعاليمه المؤلفة بعده بزمن طويل قد حفظت في الزاندافستا أي الشريعة والإصلاح وهو كتاب الفرس المقدس. وقد كتب هذا السفر بلغة قديمة لم يفهمها اتباع هذا المذهب أنفسهم ودعوناها أي الإفرنج بازند وكانت تنقسم على ما ورد في أساطيرهم إلى إحدى وعشرين