الفواعل الطبيعية التي تؤثر فيها وتدل على ما تصير إليه
لا بد أن يتلقى قراؤنا الكرام هذا الموضوع بما يستحقه من الاحتفاء بعد أن ألفتت أنظارهم إليه الثلوج التي تراكمت في هذا الشتاء على ربوع البلاد فسدَت المسالك وساقت حيوانات البر من كهوفها وأوجارها لتشارك الإنسان في مساكنه وتشاطره شظف العيش في مكامنه.
وقد خُيل لمن لا إلمام لهم بالنواميس الطبيعية أن كثرة شرورنا قد كانت السبب لهذه الضربة الإلهية والحقيقة أن خطايانا كثيرة في كل سنة فلو كانت هي الداعي لذلك لاقتضى أن لا تفارقنا الضربات على مر السنين.
ومما لا ريب فيه أن الممسك أزمّة السماوات والأرض بيده قد سنَّ للطبيعة شرائع تسير بموجبها وتنتج معاً ما نشاهده من الظواهر الفلكية والتقلبات الجوية التي تختلف باختلاف اتجاه هذه الفواعل وكيفية ارتباطها معاً واجتماعها أو تفرقها على ما سنبينه.
ومع أن العلوم والمعارف هي ومجموع اختبارات البشر لا تزال قاصرة عن إيضاح معظم ما تتوق النفس لمعرفته مما لا يزال وراء حجاب الغيب فإنها قد كشفت لنا الشيء الكثير عن أسرار الطبيعة حتى صارت الميتيورلوجيا أو الظواهر الجوية علما جزيل المنفعة للملاح والزراع والتاجر وغيرهم من أرباب المهن والحرف.
وقد تبين من درس طبيعة الهواء والنور والحرارة وحركات الأرض ومهابّ الرياح والجاذبية وغير ذلك أن تقلبات الجو وظواهره بين صحو ومطر وحر وبرد الخ خصوصاً عن اتحاد أفعال السبع قوات الآتي بيانها:
1) دورة الأرض اليومية على محورها.
2) دورة الأرض السنوية في فلكها.
3) الجاذبية التي تشد الهواء إلى الأرض.
4) قوة التباعد عن المركز الناجمة عن دورة الأرض على محورها وعن قوة استمرار حركة الهواء.
5) قوة دقائق المادة المعروفة بالحرارة والنور والالفة والكيمية والكهربائية، وقوة الإشعاع التي تصل إلينا من الشمس، وجميع الاختلافات والتقلبات الموقعة على عرض الأماكن وحركتي الأرض اليومية والسنوية.