قرية ومنها يتألف قضاء حاصبيا وقضاء راشيا أو التيم الأعلى وقاعدته راشيا كلمة سريانية بمعنى الرؤوس والتيم الأسفل وقاعدته حاصبيا كلمة سريانية ومعناها الجرار وإلى اليوم لا تزال آثار معامل الفخار في حاصبيا. ويحد ادي التيم شرقاًوادي العجم وإقليم البلان وشمالاً سهل البقاع وغرباً مرجعيون وجنوباً بلاد الحولة وغرباً جبل الشيخ.
وليس فيما ظفرنا به من كتب السلف إشارة تشعر بمجد سابق لمدينتي حاصبيا وراشيا قبل الحروب الصليبية والغالب أنهما كانتا حصنين فقط لصد هجمات المهاجمين على المدن الداخلية على نحو ما كانت قلاع تبنين وهونين والشقيف والصبيبة وغيرها وباستيلاء أمراء الشهابيين عليهما كثر الكلام بشأنهما في التواريخ الحديثة ففي سنة 557 قام آل شهاب من حوران وكانوا فيها منذ الفتح الإسلامي وأصلهم من الحجاز وزحفوا إلى وادي التيم بزعامة الأمير منقذ وكان نزولهم في بيداء الظهر الأحمر من الكنيسة الجديدة على ساعة ونصف من راشيا الوادي وكانت هذه البلاد تحت استيلاء الإفرنج فردهم آل شهاب واستنقذوها منهم في قصة يطول شرحها وكان المتولي على وادي التيم قبلهم الأمير ظهير الدين كرامة التنوخي صاحب ثغر بيروت فاتت جموع الإفرنج من صيدا وصور وعكا إلى حاصبيا فردهم الشهابيون على أعقابهم مدحورين وطردوا حاكمها الكونت أورا وبسطوا أحكامهم على هذا الوادي ثم اتصلوا بلبنان وتولوا أمره بعد الأمراء من آل معن واستولى الشهابيون على لبنان نحو قرن ونصف وقد تنصر بعض أفراد من أسرتهم ممن حكموا لبنان ولم يزل أعقابهم إلى اليوم مسيحيين أما من بقوا في وادي التيم فظلوا مسلمين ومنهم اليوم طبقة متعلمة تتولى الوظائف في الحكومة ولذلك غلط بيدكر في قوله أن بني شهاب هم من أمراء الدروز ولو كانوا من أمرائهم ما قتلوا في وقائع الشام المشؤومة سنة 1860 في راشيا وحاصبيا بيد الثوار من أشقياء حوران ولبنان أيام قتل 800 من المسيحين في راشيا و 970 من مسيحيي حاصبيا ولو لم ينج يعضهم إلى دار السيدة نائفة شقيقة سعيد بك جنبلاط لهلكوا عن آخرهم وأن معظم من نراهم ساكنين في حارة الميامنة اليوم في حي الميدان بدمشق هم ممن جلوا عن وادي التيم ولا سيما من حاصبيا وراشيا يوم تلك الوقائع المشؤومة ونزلوها وتناسلوا فيها فحسنت حالهم.
أشرنا إلى هذه الوقائع والفظائع إذ لا يسوغ للمؤرخ أن يسكت عن حوادث لها علاقة كبرى