مجله المقتبس (صفحة 432)

المعجمات العربية من القرآن والشعر وأثبتوه في مصاحفهم ويلحق به ما تلقوه عمن بقي لعهدهم من العرب الخلص أي الذين لم يختلطوا بالأعجام وهم أهل البادية وأما ما سوى ذلك من كلام المولدين وهم أهل الأمصار فالمقبول منه ما كان قائله من علماء العربية فإذا أتى باللفظة المحدثة جاء بها على أسلوب العرب وطريقتها. وبعد أن أورد ما وقع لبعض المولدين من أصحاب المعاجم والدواوين والأدباء من الأغلاط في الشعر غالباً مما لا يكاد يخلو منه ديوان من دواوين المولدين ليوجب بذلك التثبت عند النقل عنهم قال أنهم لم يكونوا أبعد من أهل هذا العصر عن الخطأ واللحن وإن تقدم زمانهم قال ومما ذكرنا في هذا الفصل تعلم مرادنا بما طالما حثثنا عليه من التزام طريقة العرب في الوضع والقصد من ذلك إنما هو الحرص على وحدة أسلوب اللغة وتواطؤ قديمها وحديثها على وجوه من الوضع لا تنافر بينها ولا تباين وهذا إنما يكون بمتابعة سنة الواضع في صوغ القوالب اللفظية وتفريع بعض المعاني من بعض بحيث تتوفر المجانسة بينها ويتهيأ رد كل فرع إلى أصله وهو ما يشف عنه صنيع الواضعين الأولين فيما نقل إلينا من ألفاظهم إلا ما شذ من ذلك.

تأديب الأحداث

المشرق - نشر الوصية المعزوة إلى أفلاطون وهي مترجمة بقلم إسحاق بن حنين الناقل المشهور على عهد الخلفاء العباسيين جاء فيها: أيها الأخوة المحبون للعلم اسمعوا واحفظوا وصاتي فإني كأحدكم كنت لما أحببت العلم فإني كاتب لكم مقالة سهلة أبين لكم المدخل إلى العلم بكل صناعة نظيفة التي يتنعم بها ويلذها كل محب متعلم فأول ذلك أن تكونوا طاهرين لا عيب فيكم قبل أن تشرعوا في هذا العلم فإنه لا يجب أن تتقرب الأشياء الطاهرة إلى الأشياء الدنسة ولا الأشياء الدنسة إلى الأشياء الطاهرة ولا تعلموا الذين ليسوا طاهرين بل الذين هم أطهار أبرار طهارة حسنة ولا يقرب ذو العيب الدنس من المبرئ من الدنس وليعلم أنه لا يستطيع مكيال من ماءٍ عذب صاف لطيف يقاوم جب حمأة منتنة ولا تقوى العين الرمدة على خرق شعاع الشمس. لا يكون أدب النفس في بدن قد استجنَّ فيه الجهل والشره لأقبح أقبح بالعاقل من أن يوسم نفسه عند الناس بالعقل ويأمرهم به وهو خلو منه صفر الأدب مرتكب للمآثم. قال وينبغي للأحداث أن يأخذوا طرفاً من الأسباب التي يحتاج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015