كلمة برجان تعني بعض الأحيان البلغار المجاورين لنهر الطونة، راجع حواشي المسيو كاترمير على كتاب تاريخ رشيد الدين ص 405 وراجع أيضاً تصنيف المسيو دوصون في كلامه عن أقوام جبل قاف ص 260 ومن المرجح أيضاً أن هذا الاسم يشمل الإبر والصرب كلام رينو.
فأنت ترى أنه لا يجزم بصحة هذا القول كل الجزم بل يذكره بكل تحفظ وتحرز لأنه رأى أنه إذا صح هذا التأويل في مواضع فهو لا يصح في عدة مواطن.
وأما أقوى براهين كاترمير على أن البرجان هم البلغار المجاورون لنهر الطونة هو هذا على ما أتذكر: يقول المسعودي أن بستنيان الثاني المشهور بالأخرم لاد بتاوفيل ملك البرجان والحال أن كتبة اليونان يذكرون ذلك عن ملك البلغار إذن البرجان هم البلغار كلام العلامة محصلا بمعناه، فأقول: نص المسعودي هو هذا: وفي هذه السنة وهي سنة 223 خروج توفيل بن ميخائيل ملك الروم في عساكره ومعه ملوك برجان والبرغار والصقالبة وغيرهم فيتضح من هذا الكلام أن البرجان غير البرغار أو البلغار وإلا لما فرق بين اللفظين بل أنهم قوم محالفون للبرغار كما كان الصقالبة محالفين لهم أيضاً واكتفاء اليونان بذكر البرغار فقط لا يدل على أنه لم يكن معهم برجان وصقالبة بل إنما ذهبوا إلى ذكر البلغار أما لكثرتهم وأما لشهرتهم وأما لأنهم إذا ذكروا البلغار فهم قراء أولئك الزمان حلفاء البلغار أيضاً البرجان والصقالبة أو لعل هناك سبباً آخر لا يصل إلى معرفته عقلنا القاصر.
وعلى كل حال فإن كلام المسعودي صريح كل الصراحة أن البرجان قوم كانوا مع البلغار وليسوا إياهم، بل هم الذين نعنيهم في كلامنا الآتي.
وأما آراء سائر المستشرقين فلا حاجة إلى ذكرها لأنه إذا كان مقدموهم وزعماؤهم على هذا التأويل فلا تبعد تأويل من جاء بعدهم وأخذ عنهم بعداً يذكر ومن ثم تكون آراؤهم منحصرة في ثلاثة تآويل: فالأغلب يذهب إلى أنهم والبلغار جيل ومنهم من يقول بأن البرجان في بعض المواطن تفيد البرجون أو البرغونيين والطائفة الأخرى تبقي اللفظة على وجهها لأنها لم ترها موافقة لمعنى البلغار.
على أن هناك مذهباً رابعاً بل وخامساً لا ينسب أو ينسبان إلى واحد من المستشرقين بل إلى عالم جليل من علماء الأتراك ولغوييهم أريد به عاصم افندي صاحب الاوقيانوس