مجله المقتبس (صفحة 4173)

لأن استظهار كمية من الألفاظ لا علاقة بينها وبين الاختبار الشخصي فيقوم مقامها ألفاظ تطلب معاونة الولد وتخوله حريته في العمل والتصور، فسويسرا لا تكتفي بأن تعلم أبناءها القراءة والكتابة والحساب بل هي تنظر إلى التعليم نظراً أبعد تريد تربية الصحة والأخلاق وأن تبعد عن المتعلم كل ما يضر بخلقه وتهذيبه.

وقد كثرت في سويسرا منذ بضع سنين مدارس الزراعة والتجارة والصناعة على اختلاف ضروبها وأنشئت مدارس لتدبير المنزل يتعلم فيها البنات إدارة شؤون البيوت والخياطة والطبخ والكي والغسيل وغير ذلك، وجميع هذه المدارس هي عبء ثقيل على الحكومة ومع هذا فإن الحكومة لم تغفل عن التعليم العالي فلسويسرا سبع كليات عامرة والأجور فيها زهيدة للغاية لأن القوم أيقنوا أن الطبقة الراقية في حكومة ديمقراطية يجب أن تكون من أقوى عناصر الأمة وأكثرها ذكاء وهذه قد تكون فقيرة.

والظاهر أن غاية ما ترمي إليه التربية في سويسرا سعادة الأمة عامة والفرد خاصة وذلك ببذر كل البذور الصالحة وتعهدها بما ينميها والإشراف على القوى النافعة وكل ما في المرء من الميول الشريفة، وينظر في هذه التربية أيضاً إلى إصلاح كل ما سفل وتبدل من أخلاق الطفل والأخذ بيد كل وطني ليكون منه إنسان مستقل كثير الثقة بنفسه مسؤولاً عن حقوقه وخصائصه راغباً في القيام بكل واجباته نحو بلاده والناس أجمعين، وكيفما كان الحال في نقص الأساليب المتبعة في سويسرا على قلة المعلمين فالواجب أن يعترف بأنها لم تكتف بالألفاظ اللطيفة في معنى التربية فهي على ضيق مواردها قد بذلت عن سعة في سبيل تهذيب الشعب وفادت بكل ما لديها من المال والقوة لخدمة غرض تراه مرتبطاً كل الارتباط بنجاح الأمة وبقائها.

درس في الصحة

لا يكفي التعقل في تناول الغذاء على نظام خاص لحفظ الصحة بل الواجب الجري على قوانينها، فكن يا هذا مغرماً بالنظافة وحب الماء والاغتسال كما تحب أعز الأشياء عليك فمن غسل أطراف جسمه واعتاد الوضوء في الأوقات المعينة ضمن لجلده الرشح المنشط والمرونة النافعة فالماء البارد يشد المسام والحار يمددها والأفضل في كثير من الأحوال الاعتماد على الماء الفاتر فحمامات المياه الباردة تقوي الجسم وتنشطه والحمامات الفاترة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015