مجله المقتبس (صفحة 4152)

مقتراً في مأكله وملبسه مستغرقاً فيما أخذ به نفسه حتى أنه لقلة هندامه ونظافته كان يظن أنه شحاذ فيعطيه بعض المارة دارهم متصدقين عليه فقضى عقيب أنهاك قوته في العمل ومن غرائبه أنه عين عضواً في المجمع العلمي ولما كان زاهداً في التشريفات ولا يغنى بغير المطالعة من أمور الحياة اضطر إلى الاستقالة، وكم من رجل حرم نفسه الطعام والأدام بل الدفء والثياب ليقتني بدريهمات يدخرها كتاباً ومنهم انطون ماكليابشي (1633 - 1714) العالم الفلورنسي المولع بالكتب كان يعيش أحقر عيشة وأمامه كنوز من المال أنفقها على خزانة كتبه في فلورنسا وكذلك يوسف اندراوس زالوسكي أسقف مدينة كيف في بولونيا 1701 - 1774 حصر كل وقته وقواه حتى جمع خزانة كتب حوت مائتي ألف مجلد فنهبها الروس سنة 1795 ومن المولعين بالكتب ومطالعتها من كانوا يكرهون أنفسهم على عدم النوم ويغسلون أرجلهم بالماء البارد وهم في أبرد الأقاليم لئلا يناموا ثم يضعون المنبه على أوقات يعينونها ومن المولعين بالكتب ومطالعتها من كانوا يكرهون أنفسهم على عدم النوم ويغسلون أرجلهم بالماء البارد وهم في أبرد الأقاليم لئلا يناموا ثم يضعون المنبه على أوقات يعينونها ومن المولعين بالكتب نابليون الأول حرم نفسه أنواع الراحة لأول أمره حتى اقتنى بعض الكتب وعلم أخاه في المدرسة ومنهم يواكيم لوول 1786 - 1861 المؤرخ البولوني العالم بالكتب والنقود نفته حكومته فنزل بروكسل عاصمة البلجيك وكان عزيز النفس لا يقبل معونة أحد وهو في فقر مدقع والفصل شتاء وهو لا مال له يبتاع به وقوداً يصطلي عليه في البرد القارس فاحتال بعض إخوانه أن يكتروا بجانب غرفته غرفة ويدخلوا أنبوب الموقدة من غرفته بعد أن أخذوا رأيه وأظهروا له أن غرفتهم لا تدفأ إلا على هذه الصورة فقال لهم اعملوا ما شئتم وهكذا توصلوا إلى تدفئته بدون أن يشعر ويدفع درهماً.

وكثير من الناس من ماتوا فوق كتبهم أو أمامها حتف أنفهم ومنهم بترارك الأديب الكبير (1304 - 1374) والفيلسوف الصقلي أنطون فلامينو من أهل القرن السادس عشر ومنهم سوليه الفرنسوي الذي آثر الوحدة على كل اجتماع وكانت حياته مثال العامل المجد وكتب بيتين لتحفرا على قبره معناهما: ولدت يتيماً وعشت وحدي في شبيبتي وكذلك في شيخوختي وهاءنذا وحدي هنا في القبر إلى اليوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015