الشعب وإعطائه من النفوذ السياسي أكثر مما كان له.
زاد نماء الشعب وانتشار الصناعة عنصر سكان المدن في ألمانيا. فكان سكان برلين سنة 1871، 800 ألف فأنافوا اليوم على مليونين وصار سكان همبورغ زهاء 800 ألف وارتقى عدد سكان كولون من 200 إلى 440 ألف فزاد عدد سكان المدن الكبرى ثلاثة أضعاف بعد الحرب السبعينية وهو يزيد على معدل 15 في المائة كل خمس سنين وليس في الأرياف غير 43 في المائة من مجموع سكان البلاد. وانتشرت الديمقراطية في المدن أسرع منها في الضواحي والقرى حيث يعتزل الأصاغر فيضعف أمرهم ولا يلتفت الناس إلا إلى القيام على الزراعة وتربية الماشية أما ساكن المدن فهو أكثر علماً وحركة وحضارة. ويسهل بث الدعوة الديمقراطية في عقول عملة المدن فإن اجتماعهم في صعيد واحد من الأرض يزيدهم قوة ومضاءً. وقد كان الصناع في كل زمن أسرع إلى النشوء في الديمقراطية من سكان الريف المزارعين إذ الفلاح في العادة من المحافظين وعامل المدن من الديمقراطيين. هكذا هو الحال الآن وهكذا كان الشأن في قديم الزمان. فقد ظلت إسبارطة منصرفة إلى الزراعة وحكمها أرستقراطياً عدة قرون وأصبحت أثينا ديمقراطية منذ انتشرت فيها الصنائع وراجت أسواق التجارة.