في كراهة التكلم فيما لم ينزل وقال ابن عمر لجابر بن زيد: إنك من فقهاء البصرة فلا تفت إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت.
وقال الإمام الدهلوي أيضاً بعد أن مهد ضروب الاختلاف بين الصحابة في بعض الفتاوى ما مثاله:
فاختلفت مذاهب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهم التابعون كذلك كل واحد ما تيسر له فحفظ ما سمع من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاهب الصحابة وعقلها وجمع المختلف على ما تيسر له ورجع بعض الأقوال على بعض واضمحل في نظرهم بعض الأقوال فعند ذلك صار لكل عالم من علماء التابعين مذهب على حياله.
فانتصب في كل بلد إمام مثل سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر في المدينة وبعدهما الزهري والقاضي يحيى بن سعيد وربيعة بن عبد الرحمن فيها وعطاء بن أبي رباح بمكة وابراهيم النخعي والشعبي بالكوفة والحسن البصري بالبصرة وطاوس بن كيسان باليمن ومكحول بالشام فأظمأ الله أكباداً إلى علومهم فرغبوا فيها وأخذوا عنهم الحديث وفتاوى الصحابة وأقاويلهم ومذاهب هؤلاء العلماء وتحقيقاتهم من عند أنفسهم واستفتى منهم المستفتون ودارت المسائل بينهم ورفعت إليهم الأقضية.
وكان سعيد بن المسيب وابراهيم وأمثالهما جمعوا أبواب الفقه أجمعها وكان لهم في كل باب أصول تلقوها من السلف: وللبحث تتمة بديعة فانظرها.
وجل فتاوى الصحب والتابعين مروية في المواطآت والمسندات والسنن من كتب الحديث التي لم تشترط تخريج المرفوع وحده من الأحاديث النبوية عدا ما جمع على حدة منها.
المفتون بالشام من التابعين
قال الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين: وكان من المفتين بالشام أبو ادريس الخولاني وشرحبيل بن السمط وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي وحبان بن أمية وسليمان بن حبيب المحاربي والحارث بن عميرة الزبيدي وخالد بن معدان وعبد الرحمن بن غنم الأشعري وجبير بن نفير ثم كان بعدهم عبد الرحمن بن جبير بن نفير ومكحول وعمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة:
وفيه استقصاء التابعين المفتين من معظم البلاد فانظره وقد استقرأت في كتابي (تعطير