تدبيرها بالتغذية المعقولة والسير في العمل والراحة على ما يقتضيه تركيبنا وما خص به الخالق بني البشر من القوى الطبيعية والعقلية، فنحن لا نحسن استنشاق الهواء ولا السير على الأقدام ولا المنام للراحة ونهمل أمر عضلاتنا ونسيء استعمال أعصابنا فنفتح بصنعنا الباب للجراثيم الضارة فتهاجمنا وتحيط بنا خصوصاً وهي مستعدة إلى التسرب على الدوام إلى خلايانا لتعبث بها وتعيث، ولكن إذا أحسنا الغذاء والعمل والراحة والنزهة والنوم وكانت لنا إرادة قوية يكون لنا من الصحة ما نتغلب به في معترك هذه الحياة الاجتماعية.
فقد قال الحكيم اليوناني: اعرف نفسك فإذا عرفت نفسك وعرفت مزاجك تضع لها تدبيراً صحياً من الغذاء والرياضة ينفعها، ومعلوم أن أمزجة الناس أربعة المزاج اللمفاوي أو البلغمي والمزاج الدموي والمزاج العصبي والمزاج الصفراوي، ومن النادر أن يخرج الإنسان عن أحد هذه الأمزجة الأربعة بل يكون مزاجه مؤلفاً من اثنين أو ثلاثة منها ويكون أحدهما متغلباً على الآخر وهذا هو الذي تجب مراعاته في تدبير الغذاء والأعمال، والجهل بالمادة الغذائية من كل طعام من الأمور التي لا تحتقر ومعرفتها أهم في قوام البنية مما يتوهم بعض العامة وذلك من الوجهتين الصحية والمنزلية.
وما المعدة إلا بيت نار وقوده الأطعمة وعملها الكيماوي مع استنشاق الهواء يحدث الحرارة اللازمة لبقاء الجسم وتحويل ما يدخل فيه وما يخرج منه بقدر ما يتناوله من الغذاء، وقد حسب علماء منافع الأعضاء هذه الحرارة بحساب الكالوري فهم يقدرون معدل ما يلزم لرجل بالغ أشده من 2800 إلى 3000 من الكالوري أو قياس الحرارة، وإليك الآن كميات الكالوري التي تنشأ من الطعام الأكثر استعمالاً وهي مقدرة بمئة غرام أي أنك إذا تناولت 100 غرام من السمك تحصل على 113 من الكالوري: ففي السلطة 12 من الكالوري وفي الملفوف 27 وفي الثمار اليابسة 31 وفي البقول الخضرة 37 وفي اللبن (الحليب) 62 وفي البطاطا 83 وفي اللحم 94 وفي البيض 153 وفي الخبز 255 وفي الأرز 345 وفي البقول اليابسة 362 وفي السكر 380 وفي الشوكولاتا 415 وفي الجبن 466 وفي الزبدة 751.
فلك أن تحصل على 2800 من الكالوري إذا تناولت 600 غرام من الخبز والمعجنات يكون منها (1530) من الكالوري و 280 غراماً من اللحم منها 363 و 50 غراماً من