مجله المقتبس (صفحة 3943)

القدس بلاد الجليل سنة 1100 م كانت معاهد الناصرة قد خربها العرب ولم يبق إلا بعضها فأعاد الصليبيون بناءها واتخذوها كنيسة جامعة لهم، ولما سقطت أرض الجليل بيد صلاح الدين بعد وقعة حطين آضت الناصرة أيضاً إليها فعطف على أهلها وفي خلال هدنة العشر سنين المعقودة بين الصليبيين وصاحب مصر في 20 شباط 1229 أصبح فريدريك الثاني امبراطور ألمانيا الحاكم المتحكم بالطريق من عكا إلى الناصرة فرمم هذه المدينة على أنها ما كانت قط حصناً منيعاً.

وفي شهر آذار 1263 قدم من مصر في جيش هائل صحبها الظاهر بيبرس البندقداري وعسكر في منحدر جبل تابور وبعث كما قال القس مسترمان برجاله يخربون البيع والادبار واطلق الحرية للمسيحيين على أن يدينوا بالاسلام لكنهم أبوا ووقعت فيها وقعة هائلة قتلوا عن آخرهم، ولمؤرخي الادبار أخبار يتلونها وأحاديث يقصونها عما لقيها القسيسون والرهبان من المظالم إلى القرن الماضي أيام تنفس خناقهم بتولي الظاهر عمر امر الجليل فأصبحوا أحراراً في كنائسهم وعباداتهم آمنين من عيث البدو الذي وقع مرتين على الناصرة فغزوا أهلها في عقر دارهم.

وتاريخ الناصرة هو في الحقيقة تاريخ الادبار والمعابد فيها وفد قوي سلطانها منذ جاءه بونابرت وحاصر عكا سنة 1799 وبعث بأحد قواده يعسكر في الناصرة الاحسانات على الاديار من أمم النصرانية في الغرب على اختلاف لغاتهم ومذاهبهم وما منهم إلا من أنشأ بيعة حتى بلغت أربع عشرة بيعة وكنيسة ومعظمها من ضخامة البناء وحسن الهندام ما يذكر بقصور الملوك ومنازل المترفين والفرنسيسكان أقدم الرهينات وأرسخهم قدماً في الناصرة وكنيستهم مما يزار لبعض الآثار التاريخية فيها ويكفي أنها أثر من آثار الكنائس في القرون الوسطى.

وفي الناصرة يشتد التنافس بين أهل المذاهب المختلفة من المسيحيين يعلمون الذكور والإناث ويلقنونهم ما يشاؤون ويطبون المرضى ويعطونهم العقاقير بلا مقابل من أي نحلة كانوا على شرط أن يستمعوا لبعض الواعظين ونصائح دعاة الدين ولذلك قل في هذه البلدة أميون وجاهلون، والقارئون الكاتبون من أهلها من الجنسين أكثر من كل بلد سواها في سورية يعيشون بصدقات المحسنين ويتمتعون بما تجود بهم أيدي أتقياء الغربيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015