أولها أن سبب تأليفها أنه دخل دمشق في سنة أربع وتسعين وثمانمائة فسمع عن بعض أهلها استنقاص الشيخ محي الدين بعد أن زار الشيخ عبد القادر بن حبيب الصفدي بها في شعبان من هذه السنة وهوالذي عرفه بابن عربي ومقامه في الصالحية قال وكنت أسمع به في المغرب ولا أدري من حاله سوى أنه من أهل العلم والخير فقصدت زيارته فانتهيت إلى حمام يقال له حمام الجورة فسألت من الحمامي أن يفتح لي باب المقام فصعد من بعض جدرانه وفتح لي باب مقامه فوجدته ليس فيه أثر العواد وفيه عشب يابس يدل أن أحداً لا يأتيه إلى أن قال ثم قعدت عند قدميه الكريمتين كما ينبغي بل أقول قعدت على سوء الأدب إذ هو أن أقف خارج المقام بالكلية في مقام السائل المقتر لكن أخطأت واسأل الله تعالى بلطفه أن يتوب عليَّ من ذلك قال رأيت في مشهده قبره عند رأسه حجراً مكتوباً فيه قوله تعالى ادع إلى سبيل ربك الآية فعند ذلك قوي نور اعتقادي في الشيخ وتزايد نوراً على نور حتى ملأ ظاهري وباطني وكنت قصدت بلاد ابن عثمان رجاء الجواز من هناك إلى المغرب فدخلت برصة غرة المحرم سنة خمس وتسعين فلما كانت سنة تسع وتسعمائة خطر بنا إلى تقييد بعض كلمات في إظهار شيءٍ من محمود صفاته.
ثم ذكر رحمه الله ترجمة الشيخ ابن العربي رضي الله عنه ودل هذا الكلام منه على أنه كلن له اعتقاد زائد في ابن العربي وهو ما عليه أعيان المتأخرين من العلماء المحققين والصوفية المتعمقين رضي الله تعالى عنهم أجمعين ودل هذا الكلام منه أيضاً أنه رضي الله تعالى عنه في كتاب السفينة أن سيدي علي بن ميمون دخل دمشق سنة أربع وتسعمائة وذكر ابن طولون في كتابه مفاكهة الأخوان أن سيدي علي بن ميمون أول ما دخل دمشق دخل في أواخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة فهرع الناس إليه للتبرك به ونزل بحارة السكة الصالحية وصار بعمل بها ميعاداً ويرشد الناس.
وممن صعد إليه للأخذ عنه الشيخ عبد النبي شيخ المالكية والشيخ شمس الدين بن رمضان شيخ الحنفية وسلكا على يديه وخلف انتهى ولا تنافى بين هذا وبين ما تقدم لأن ما ذكره ابن طولون هو مبلغ علمه إذ لم يعلم بقدمة ابن ميمون الأولى والثانية حتى ذكر هذا الكلام وايضاً فإن سيدي علي بن ميمون لم يشتهر في بلاد المغرب بالعلم والمشيخة والإرشاد إلا بعد رجوعه من الروم إلى حماة سنة إحدى عشرة ومكث بهامدة طويلة ثم قدم منها إلى