العالم العالم الإمام لدى العلا ... العامل الحكم الهمام الأوحد
وبيت شطره الأول مما يستحيل الانعكاس وشكره الثاني عاطل مع كونه مما لا يستحيل أيضاً فالأول مركب من آمن والثاني من أحمد وهو:
نم آمناً من نمّ إنما آمن ... دم حامداً ما أمّ آدم أحمد
وكثر اجتماعهما وطرح شيخنا عليه من الأسئلة التي فيها الفكاهة والمداعبة مما لا تعرف منه الملاءة والقدرة على التخلص منه ما أودعته منه أشياء في الجواهر عند الكلام على قدرة شيخنا في التفسير وغيره رحمهما الله.
وكان أحد الأفراد في إجادة النظم باللغات الثلاث العربية والعجمية والتركية مجيد الخط جيد الإتقان والضبط عذب الكلام بديع المحاضرة مع كثرة التودد ومزيد التواضع وعظة النفس ووفور العقل والرزانة وحسن الثكالة والأبهة وسيماء الخير ولوائح الدين عليه ظاهرة وقد لقيته في القاهرة في الخانقاه الصلاحية سنة خمسين فكتبت عنه من نظمه أشياء وسمعت متن لفظه العقد الفريد وعقود النصيحة وكتبهما لي بخطه وبالغ في الأدب والتواضع ومات بالخانقاه المذكورة في يوم الاثنين منتصف رجب سنة أربع وخمسين ودفن بتربتها والناس مشغولون بالاستسقاء عند توقف النيل غريباً عن أهله ووطنه بعد أن امتحن على يد الظاهر جقمق وطلبه لشكوى حميد الدين عليه وأدخله سجن المجرمين فدام فيه خمسة أيام ثم أخرج واستمر مريضاً من القهر حتى مات بعد اثني عشر يوماً عوضه الله خيراً وترجمته محتملة للبسط فقد كان من محاسن الزمان وممن ترجمه المقريزي في عقوده ومما كتبه عنه لنفسه:
قميص من القطن من حله ... وشربة ماءٍ قراح وقوت
ينال به المرء ما يبتغي ... وهذا كثير على من يموت
ومنه معمياً:
وهك الزاهي كبدر فوق غصن طلعا ... واسمك الزاكي كمشكاة سناها لمعا
في بيوت أذن لها الله أن ترفعا ... عكسها صحفه تلقى فيه الحسن (؟) أجمعا
ومنه:
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك ... بها ما شئت من صيت وصوت