فقدت الحكمة عضواً عاملاص من دعاتها وعمدة ثقة من أعز أنصارها ورعاتها وإنساناً كاملاً خدم الإنسانية بأفعاله وأقواله وأدهش اربا ابتقاليد بحسن مثاله وراع قلوب أهل السلطة بحظوته وإقباله ونعني به فيلسوف روسيا وأحد رجال الأخلاق في هذا العصر الكنت ليون نيكولايفتش تولستوي الذي هز نعيه أرجاء العالم المدني وأكبر رجال الإصلاح هول المصاب به.
ولد هذا الحكيم في اياسيانا بوليانا من أعمال ولاية تولا الروسية سنة 1828 فيتم منأمه وهو ابن سنة ونصف وفقد أباه في العشرة وهو من بيت وجاهة وغنى وكان جده سيء الإداترة يميل البى البذخ والإسراف ففقد ثروته حتى اضطر إلى التوظف فعينته روسيا والياً لقازان وجاء ابنه والد تولستوي ولم يكن على شيءٍ من العفاف حتى العشرين من سنه. ورزق ابناً من خادمة زوجه منها أهله ثم تخلى عن الوظائف وتزوج بوالدة تولستوي وكانت غنية تحسن الروسية كتابة وقراءة كما تحسن الإنكليزية والألمانية والإفرنسية والإيطالية والفنون والضرب على البيانو وكانت على جانب من حرية الفكر وسلامة الوجدان والسذاجة.
واشتغل والد تولستوي بالزراعة في الأملاك الواسعة التي ورثها عن أبيه واتصلت إليه من زوجه وكان يحب المطالعة واقتنى مكتبة فيها شيء كثير من آداب الفرنسيس وكان من عادته أن لا يقتني بكتاباً قبل أن يأتي على مطالعة ما اقتناه من قبل فنشأ ليون تولستوي على اللغة الإفرنسية وكان يفهم كتب الفيلسوفين الفرنسيين روسو وفولتير كم يفهم شعر بوشكين شاعر الروس وأخذ الإفرنسية عن أستاذ فرنساوي اسمه سان توما ولم يبلغ الخامسة عشرة حتى كان متشبعاً بآدابها.
ربي في المذهب الأرثوذكسي ولكن لم يكد يبلغ التاسعة عشرة من عمره حتى تجرد عن الاعتقاد بالكنيسة ولكنه عمد إلى التقية فلم يكن يظهر ما يضمر وكان وهو طالب يقوم بالفروض والواجبات وغادر سنة 1847 الكلية التي كان يدرس فيها ليلتحق بالفلاحين ويحسن إليهم إلا أنه لم يفلح وفي سنة 1851 سافر إلى قفقاسيا حيث عين ضابطاً في المدفعية واشتهر ببسالته في حصار سواستبول فعين قائد فرقة وكان خلال تلك المدة قد نشر باكورة كتبه موقعة بالحروف الأولى من اسمه واسم أسرته ثم أقام في بطرسبرج مدة