أصغر منه سناً يؤلفون الأغاني الحربية ويحثون الجمهور. وحاول وهو في السبعين أن ينسج على منوال ديوان حافظ الشيرازي شعراً ألمانياً في أفكار شرقية وأناس شرقيين فنظم ديواناً سماه ديوان الشرق والغرب. وهو سفر أغان وإن تكن ألمانية الصبغة فإن تنوع أوزانها واختلاف أسمائها واستبدال الأسماء الشرقية بالغربية جعلها غريبة في بابها تصدر من شيخ شاب.
وبعد أن فقد والدته وولده وصديقه الحميم بعد شيلر ضعف سنة 1832 فوافاه أجله وقضى عند الظهر جالساً على كرسيه وكان آخر كلامه ليدخل النور بكمية أكثر.
وقد كتب كيتي كثيراً من الأسفار في كل موضوع وكان كثيراً ما يعاشر أهل الأخصاء في كل فن فيوحون إليه بأفكارهم ويبوحون له بأسرارهم وأن المرء ليعجب بما خلفه كيتي من التآليف الممتعة المنوعة التي يستغرق وصفها صفحات من مثل هذه.
جاز كيتي كسائر الكتاب ثلاثة أدوار وهي دور التكون ودور النضوج ودور الانحطاط إلا أن دور نضوجه كان طويلاً ودور انحطاطه لم يخل من قوة. وقسم بعض مترجميه أدوار حياته الشعرية إلى ثلاثة أدوار الدور الأول الحبي والطبيعي الثاني المدرسي الثالث التعليمي. ولم يستنكف كيتي من الأخذ عن كبار شعراء الأرض كشكسبير وروسو وهوميروس وكتاب الفاجعات من اليونان والأماديح من اللاتين. وقال في بعض تآليفه: وهل أحسن فينا من القوة وحسن الذوق في امتلاك عناصر العالم الخارجي واستعمالها في مقصد سام. ولذلك امتاز بقوته التقليدية في الشعر والأدب وقوته في التحويل وقوته في التجديد مع مزج ذلك بالنقد وقوته على الإبداع ولم يشغله الأدب والشعر عن معاطاة العلوم الأخرى كعلم النبات والحيوان والجيولوجيا والمنيرولوجيا والطبيعيات ووفق إلى اكتشافات مهمة في التشريح والفسيولوجيا النباتية.
هذا هو الرجل العظيم الذي ربي في قصور النعيم وما أفسده الترف والرفاهية جمع في شخصه مزايا كثيرة وعلوماً كبيرة قلما يكتب نيلها إلا لكبار العقول في الأمم والقرون العديدة ولا غرو فإن قيام أمثاله في القرن الماضي والذي قبله هو الذي فتح على ألمانيا أن تكون اليوم في مقدمة الخليقة بعلومها وأعمالها. فسبحان من أسعدها برجالها وأسعدهم بها وأشقى رجالاً في الشرق وأشقى الشرق بهم.