الجمال هو البذخ بل إن النظافة النظام المدقق وانتقاء الأثاث والزهور وبعض النفائس والأعلاق في البيت تكفي في حمل الجمال إلى مسكننا ولأن تفتح لحياتنا اليومية على الدوام باباً يطل على عالم الخيال. والواجب أن يعنى بلباس الطفل على ما ينبغي على أسلوب لا ينافي الاقتصاد ولا الظرف. نحن لا نقول كما يقول الفيلسوف كارلايل أن اللباس يوجد النفس الإنسانية بل نقول بأنه يرتبها وينظمها. وعليه فالأحسن أن ينظر أيضاً في اختيار اللعب للطفل حتى لا يكون ممن تتقزز له النفس والأولى أن يعهد بصنع ألعاب الأطفال إلى أناس من أرباب الذوق والتفنن على ما كانت عليه الحال في القرن السابع عشر والثامن عشر. ويجب ألا تحرم المدرسة من مظاهر الجمال لأن الطفل يقضي فيها شطراً مهماً من أوقاته وغذ كان معظم الوالدين لا يستطيعون أن يجعلوا لأولادهم بيوتاً في الخلاء فالأجدر بالمدارس الثانوية أن تقيم مدارسها في الضواحي ليتيسر للأولاد أن يعودوا في المساء ليبيتوا في دور آبائهم. فقد كتب روسو أن البشر لم يخلقوا ليتجمعوا كما يتجمع النمل في القرية بل لينتشروا في الأرض التي يحرثونها فنفس الإنسان قتال لإخوانه. وهذه الحقيقة لا مجاز والمدن هوة الجنس البشري فعلك أن تبعث بالأولاد يجددون حياتهم بأنفسهم وينشطون قواهم وسط الحقول ويستعيضون عن تلك القوى التي يضيعونها في الهواء القذر من الأماكن المأهولة كثيراً.
وهكذا يجب أن تكون المدارس الابتدائية في القرى والمدن في أماكن يتخللها الهواء والنور وأن يستعاض عن الدهان التي تطلى بها جداران المدارس بالسواد عادة بألوان زاهية تزيل الوحشة عن قلب الطفل فيستفيد من ذلك عقله وقلبه. وأحر بأن تكون جدران المدرسة مزينة بمجاميع نفيسة ومفروشة حجرها أحسن فرش بحيث يكون الجمال عن إيمان الطفل وشماله وقدامه ووراءه ومن أجل هذا اختار بعض علماء التربية أن يربى الأطفال في حدائق خاصة بهم لينشئوا على التأمل في الكون والنظر في أسراره وبدائعه فالسماء تتعلم بالنظر فيها ولكنها لا تفيدنا بقدر ما نتعلم من الصغر والتأمل في عظمتها.
يقتضي أن يطلع الطفل منذ صغره على إبداع ما نقشه النقاشون وصاغه الصائغون وبناه البناءون وأن نبتعد عن تدريسه تاريخ الصناعة لأنهم لا يفهم منه شيئاً فيدخل الملل إلى قلبه بل الأولى أن نشرح له الجمال فقط ونشعره بوجوده. فعلم الطفل أن يكون هو متفنناً