من التلميذ حياته بأنجعها لا أن تربي عقله فقط تريد أن لا تكون المدرسة دار تعلم بل دار احتذاءٍ تهمها الحياة قبل التعليم. وقد وضع فروبل أعظم باحث بالتربية في العصر الماضي قاعدة من شأنها أن الواجب التعلم مع العمل فالمدارس الجديدة وجدت لتطبق هذا الفكر وتدفعه إلى نتيجته الطبيعية وهي أن الواجب التعلم مع الحياة فيقتضي من ثم للإنسان الكامل الذي يحب أن يعمل عملاً مثمراً ويجد السعادة في علاقاته الشخصية ويصبح وطنياً صالحاً_يقتضي له جسد سليم وذكاءٌ شديد وصفات لازمة له في ضروريات الحياة. وهذه القوة والمقدرة الطبيعية والصفات الأخلاقية لا يتأتى الحصول عليها إلا بالعمل فيجب أن يعيش الولد حياة الصحة الجسدية والجهاد العقلي والأخلاقي حتى إذا دخل في سن الرجولية تكون له قدرة واعتياد عَلَى استخدامها في الغايات الحسنة.
وقد كان ينظر حتى الآن إلى المدرسة بأنها جعلت لترقية العقل وأن سائر شؤون الحياة هي في الطفل من عمل الأسرة ولكن أسباب الحياة قد تبدلت في العصر الأخير حتى لم يعد في طاقة الأسرة أن تجهز الطفل بجهاز من الصفات اللازمة في جهاد الحياة فاقتضى من ثم للمدرسة أن تقوم بهذا الواجب فتنشئ عادات صالحة وتعلم الأسباب إليها ولا غنية في تلقين هذه التربية الآن فلا يجد فيها ما يخالف الغرض الذي يرمي إليه بخلاف من يقضي شطراً من حياته الأولى في البيت وقد يكون هذا في الأكثر جارياً عَلَى غير سنة المدرسة في الآداب وهناك فوائد أخرى في التربية المدرسية وهي أنها تساعد الأولاد عَلَى أن يكبروا في الفلاة ويتعاطوا الأعمال المطلوبة منهم ويفهموا فائدتها ويعيشوا في ظل الطبيعة خلال السنين التي تتأثر الروح بالانطباع بطابعها.
ومنذ أمد طويل عرفت التربية الطبيعية في أحسن المدارس الإنكليزية مكانة. فإنكلترا هي بلد الرياضات والحياة في الفلاة والبراري ومن هذه المدارس نشأ في الإنكليز حب اللعب في الهواء الطلق فينظم الأولاد لأنفسهم ألعابهم دون أن تتدخل في شؤونهم إدارة المدرسة حتى أصبحت الألعاب والرياضات أهم جزء من التربية في المدارس الثانوية في البلاد التي يتكلم بها باللغة الإنكليزية وفي غيرها أيضاً.
وبعد فإن النزهات (الفسح) في الفلاة والحمامات في الهواء الطلق ولعب الرماية والهدف والشغل اليدوي عَلَى اختلاف أنواعه واختيار الغرف المعرضة للتهوية عَلَى الدوام