مولعة بمن تهوى مرافقة له ساهرة على مصلحته وراحته متحملة معه ما يكابده من برحائه وضرائه حتى الموت. ولكن إذا خانها ولو مرة ذهبت به إلى شاطئ البحر أو إلى ضفة النهر وجذبته بمنتهى قوتها إلى اللجة فتميته غرقاً!!! وهي على ما يقولون ذات صوت غريد مطرب هو_في زعمهم_مصدر حفيف الغابات وخرير الأنهار الذي يؤنس الحزين ويسلي الغريب وكان القدماء من أهالي أوربا الشمالية إذا أرادوا استمالة تلك الجن طرحوا في البحار والأنهار ثماراً وأزهاراً وذهباً ولؤلؤاً وعطراً وطيباً استعطافاً لها وقد وجدوا في بحيرة تولوز أشياء كثيرة مما كان يستعطف بها سكان فرنسا القديمة تلك الجنيات الحسان اللواتي يشبهن في بعض أمورهن بنات الماء اللواتي ذكرهن الدميري في كتابه حيوة الحيوان.
ومن أغرب ما رواه المؤرخون أن سيبيون الروماني لما فتح مدينة تولوز وجد في بحيرتها من الذهب ما وزنه مئة ألف ليبرة ومن الفضة مثله فاستأثر بها.
وقد تحقق أن الغاليين القدماء أجداد سكان جنوبي فرنسا الآن كانوا يرفعون تلك الجنيات الحسان إلى مصاف الآلهة ولذلك اشتد حنق التولوزيين على من خرق حرمة بحيرتهم سالباً حليهن وكنوزهن كما ألمعنا وربما كان لهن في بلادهن غير الأسماء الثلاثة التي ذكرناها قبل.
أما السكندنافيون وهم أهل أسوج أو السويد ونروج وهولاندة أو الفلمنك والدنيمرك فيعتقدون بوجود جن اسمها ألفة أو الفر وهي حاذقة لبيبة ذكية عالمة وتقسم عندهم إلى فئتين.
إحداهما تعرف بالجن الصالحة ويقال لها جن النار أو جن النور تقيم في بلاد الغيم التي يتولاها صاحب الشمس لها وجوه تلمع كالصبح وعيون أجمل من الكواكب وشعر ذهبي يروق مرآه للناظرين والثانية تعرف بالجن الهائلة وتسمى عندهم سفورت الفار وهي عدوة للنور وأشد سواداً من الزفت ذات منظر كريه وتقاطيع شنيعة وأعضاء مشوهة ولا تسكن إلا في باطن الأرض.
وأهل القرون المتوسطة من سكان هذه الممالك السكندنافية كانوا يزعمون أن هذه الجن الأرضية تختطف أطفالاً من أسرتها وإذا أحبت إحداهما رجلاً ذهبت به إلى موطنها تتلذذ