قوله: أزول وليس في الخلاق شك ... فلا تبكوا عليّ ولا تبكوا
قوله: لا ييأسن من الثواب مراقب ... لله في الإيراد والإصدار
فترى بدائع أنبات متحسساً ... إن الجزاء بغير هذي الدار
وشعره كله على هذا النمط من حرية الفكر والشكوى وله من القصائد الفخرية المشهورة وغيرها ما نجتزئ عن ذكره الآن ومن نوادر قصائده ما نشرته مجلة المقتبس (2: 97 و4: 66). وعلى الجملة فإن المعري دقيق التصور حتى يمثل لك أحياناً أموراً لا يستطيع تمثيلها البصير وهاك الآن من فلكياته ما يدل على سمو مخيلته فمن قوله في الفجر:
كأن سنا الفجرين لما توليا ... دم الأخوين زعفران وأيدع
أفاض علي تاليهما الصبح ماءه ... فغير من إشراق أحمر مشبع
قوله: كأن الليل حاربها ففيه ... هلال مثلما انعطف السنان
ومن أم النجوم عليه درع ... يحاذر أن يمزقها الطعان
وقد بسطت إلى الغرب الثريا ... يداً غلقت بأنملها الرهان
كأن يمينك سرقتك شيئاً ... ومقطوع على السرق البنان
قوله: يغرن عليّ الليل كل غارة ... يكون لها عند الصباح توالي
ولاح هلال مثل نون أجادها ... بجاري النضار الكاتب ابن هلال
ولقد اعتنى كثير من الغربيين بجمع أشعاره وترجمتها إلى لغاتهم مثل كارليل المستشرق الإنكليزي أستاذ العربية في جامعة كامبريدج في أواخر القرن الثامن عشر فإنه ترجم بعض أبيات باللاتينية والإنكليزية. وهكذا فعل المستشرق النمساوي فون كريمر فإنه نشر مقالات كثيرة في (المجلة الجرمانية الآسياوية) عن أبي العلاء وأفكاره وشعره نظماً سنة 1877م ثم ألف كتاباً بعنوان (أشعار أبي العلاء المعري الفلسفية) طبع في فينا سنة 1888 نقل فيه نثراً أمكثر من مائتي بيت شعري من شعر المعري. ثم ترجم رباعياته بالإنكليزية نظماً صديقي أمين أفندي الريحاني اللبناني بكتاب انتخبه من دواوينه الثلاثة وطبع في نيويورك سنة 1903 في 144 صفحة صدره بمقدمة بحث فيها عن أبي العلاء وسيرته ومن رأيه أن عمر الخيام الشاعر الفارسي قد تحداه وهما متعاصران. واختار موسى أفندي بيكييف من أفاضل قازان (روسيا) منتخبيات من لزوميات المعري ونقلها إلى التركية في