أن تعد في الجسم يوماً روحه ... فهو كالربع خلا ثم عمر
ولذلك ألف بعضهم كتاباً في الدفاع عنه سماه (دفع المعرة عن شيخ المعرة) وألف كمال الدين ابن العديم كتاب (دفع التجري عن المعري) وكتبت مقالات كثيرة في تبرئته مما نسب إليه من الزندقة.
5_شعره
يكفي شعر المعري أن يقال في ناظمه أنه فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة وقد تصرف فيه تصرفاً غريباً وسرح خياله في العوالم العلوية والسفلية فمثلها أحسن تمثيل وحرص الناس على شعره فجمع في ثلاثة دواوين (لزوم ما لا يلزم) (وسقط الزند) و (ضوء السقط) وقد قلت فيها مور ياً:
ومبذرق نظر اللفيفة جاءني ... والنار قربي بالثقاب يضرَّم
مذ قال هذا ضوءُ سقط الزند قل ... ت له أراه لزوم مالا يلزم
ومنها انتخب الآن ما يدل على مسرح خيال المعري وحسن وصفه ودقة فكره وقوة بصيرته فمن أقواله يصف السهر والليل من قصيدة:
باتت عرى النوم من عيني محللة ... وبات كوري على الوجناءِ مشدوداً
كأن جفني سقا نافر فزع ... إذا أراد وقوعاً ريع أو ذيدا
ظن الدجى فظة الأظفار كاسرةً ... والصبح نسراً فما ينفك مزؤودا
تناعس البرق أي لا أستطيع سرى ... فنام صحبي وأمسى بقطع البيدا
كأنه غار منا أن نصاحبه ... وخاف أن نتقاضاك المواعيدا
من يخبر الليل إذا جنت حنادسه ... والرمل عني لما طل أو جيدا
أني أراح لأصوات الحداة به ... وللركائب يخبطن الجلاميدا
كأنهن غروب ملؤها تعبٌ ... فهن يمتحن بالأرسان تقويدا
ومن حماسياته قوله من قصيدة:
يتهللون طلاقة وكلومهم ... ينهل منهن النجيع الأحمر
لا يعرفون سوى التقدم آسياً ... فجراحهم بالسمهرية تسبر
من كل من لولا سعر بأسه ... لا خضر في يمنى يديه الأسمر