مجله المقتبس (صفحة 3335)

موضع مبارك ينذر له المسلمون والنصارى ولنذور هذا الموضع قوم يزورون في البلدان ينادون من نذرَ نذر نجران المبارك وهم ركاب الخيل وللسلطان عليهم قطيعة وافرة يؤدونها إليه في كل عام. وقال مثل ذلك في دير نجران أيضاً وما ندري إن كانت نجران هذه هي نجران جبل حوران أم هي واقعة في السهل من قرى بصر الحرير.

وتبين مما تقدم أن العمران قديم في هذا الجبل وليس في الأيدي نصوص يركن إليها اللهم إلا إذا كان شيء في بطون التاريخ والجغرافيا جاء بالعرض ولم نهتد إلى معرفته وقد كان سكانه على ما مر بك آنفاً مسلمين ومسيحيين ولم ينزل الدروز إلا في القرون المتأخرة ويقول أحدهم أنهم رحلوا إلى جبل حوران منذ نحو مائتين وعشرين سنة أيام ابتدأ قوم من دروز لبنان يهاجرون وأولهم أسرة بني حمدان التي بطش بها التنوخيون أمراء لبنان ومنذ ذلك الحين أصبح كل من يغلب في الحروب القيسية واليمنية في لبنان ومن عضه الدهر بنابه أو غضب عليه الحاكم يرحل إلى ذلك الجبل ثم انضم إليهم أناس من دروز وادي التيم وصفد وجبل الأعلى والقنيطرة وجوار دمشق.

نزل الدروز هنا وهم مستضعفون وفقراء وما زالوا يطردون المخالفين من سكان البلاد الأصليين بالقوة ويستصفون أملاكهم ومنها ما هو إلى اليوم من أرباب البيوتات في دمشق وبأيديهم صكوك بملكيتهم لها حتى كاد الجبل إلا قليلاً جداً يكون لطائفة الدروز وزعمائهم بنو الأطرش وبنو الحلبي والمغوش وعامر وناصر والعزام توزعوا على القرى ومن أكبر زعمائهم بنو الأطرش وبينهم وبين بني مقداد المسلمين سكان بصرى وما جاورها طوائل قديمة يتربص كل منها لجاره الدوائر منذ نحو قرن ويعتقد الطرشان أن بني مقداد هم الحائل دون تعديهم حدود جبلهم ولولاهم لامتد سلطانهم على سهول حوران فاستأثروا بها كما استأثروا بهذا الجبل.

وأول الوقائع التي قام بها الدروز في الجبل وتمت لهم الغلبة وقعت بينهم وبين إبراهيم باشا المصري سنة 1830 في جنوبي اللجاة كتبت فيها الهزيمة للمصريين وقتل منهم الفريق محمد باشا وغيرهم من قوادهم وفي سنة 1838 أنفذ إبراهيم باشا أحد رجاله شريف باشا في أربعمائة فارس إلى قرية أم الزيتون في محل يعرف بوادي اللواء على نحو خمس ساعات عن السويداء لتجنيد الدروز فقتلهم الشيخ حمدان الدرزي عن آخرهم ولم يبق إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015