ولقد اقتنعنا بأن كل شخص لم يطرأ عَلَى قلبه وذكائه ما يشوههما كل التشويه هو قابل للخير حري بالمعاناة لإصلاح حاله. فالثقة والحب والإخلاص والمعاملة بحسب قانون العقل كلها من العاملات في ضمان النجاح للمرء حتى أن النجاح وإن كان لا يرجى في الحال بهذه الطريقة فإننا عَلَى ثقة بأن البذرة الملقاة لابد عاجلاً أو آجلاً أن تأتي أكلها.
نحن نحاول أن نحب تلاميذنا بدون ضعف لنلقنهم معنى الواجب ونحببه إلى نفوسهم وننشطهم عَلَى الرغبة فيه أبداً. هذه هي القواعد التي جرينا عليها منذ عشر سنين وظهرت بعض نتائجها وحذت حذونا بعض المدارس التي أنشئت في البلاد الخارجية فأبانت عن نجاح وستعظم فائدته في المستقبل أكثر.
معنى التاريخ
كتب الدكتور ماكس نورد كتاباً بالإفرنسية تحت هذا الاسم جاءت فيه بعض الفقرات الآتية:
إن ما كان يراه الجيل الماضي في التاريخ لا يراه الحاضر وما يناسب هذا لا يناسب المستقبل وما يناسب الهنود واليابانيين لا يناسب الأوربيين والأميركيين فالتاريخ يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فما تنبه به اليوم إلى مصلحة عامة لا يكون له غداً تأثير في العالم. فالتاريخ يسير في ظلمات الماضي كالإنسان الذي يحمل مصباحاً وشخصية المؤرخ تظهر وإن قال ذلك المؤرخ أن الواجب إخفاؤه لإيراد الحقائق مجردة. وقد قال هيرودوتس أبو التاريخ ليس التاريخ إلا لعب ممن يرويه ولا يختلف عن القصائد التي تنظم في تمجيد الأبطال إلا بكونه نثراً وهذه شعر. وهو إلى اليوم لم يبرح على ما يدعيه بعضهم من أنه أصبح علماً عبارة عن قصة ولا يختلف المؤرخ عن القصصي إلا بأن حريته محدودة بحوادث حدثت وعرفت في الجملة وذلك لأنه لا يستطيع أن يناقض ما وقع التسليم به عند السواد الأعظم. ليس التاريخ علماً لأن العلم ليس إلا معرفة الصلات بين النتائج والمقدمات التي تربض الظواهر ببعضها البعض ومعرفة النواميس العامة في الطبيعة التي هي مفصحة عنها. وقد ردَّ المؤلف هربرت سبنسر قول من يطلق لفظ علم على هذا النوع من التقييد والتنسيق في الحوادث. وعبثاً حاولت فلسفة التاريخ أن تحدد الصلة الأصلية في الحوادث وأن تضيع القوانين التي تتسلسل بها الوقائع التاريخية وربما جاء زمن اقتدر الناس فيه على تدوين تاريخهم خالياً من التناقض إذا ارتقى الفونوغراف