فإن اللفظ الجديد عَلَى ما يرى هو غريب كاللفظة الأجنبية التي يراد اتقاؤها. ومن رأيه ألا يؤخذ من اللغات الأجنبية لفظ ما دام في أصل اللغة الفارسية ما يقوم مقامه. ولذا عبروا عن السكة الحديدة بلفظ راه آهينومتولي الأشغال بلفظ مه لمحتكذار ولفظ مرسل فوق العادة بلفظ مأمور فوق العادة وغرفة التجارة بلفظ أنجمن تجارتي ومهندس بلفظ فني مأمور.
ويغلب عَلَى الظن أن عدد الألفاظ الأجنبية سيقل بعد حين فإنا نرى الجدال قائماً منذ بضع سنين في الصحافة لإعادة اللغة الفارسية إلى نضرتها الأولى والقوم يريدون الرجوع بلغتهم إلى لغة الفردوسي بحذف الألفاظ العربية التي كثرت سرايتها إلى الفارسية وألفنا استعمالها عَلَى ما تراه من الأمثلة التي أوردناها. ويدعي القائلون بهذا الرأي أن حذف الألفاظ العربية لا يفهم منه مخالفة للدين فما من شيء في القرآن يقضي علينا بأن تستعمل في لغتنا ألفاظ عربية. وإن تناغي الفرس بوطنيتهم ما فطر عليه القائمون بهذا الرأي من الغيرة والاقتدار ومن جملتهم اللغوي العالم مؤلف الدولة ليدعوا إلى عقد الرجاءِ بنجاح هذا المشروع.
كان الأتراك قبل أن يدينوا بالإسلام يستعملون ألف باء من أصل سامي أما الألف باء اليونانية أو الرومانية القديمة والويغور فالظاهر أنها لم تكن تقتبس شيئاً من اللغات السامية. واقتبسوا عدداً قليلاً من الألفاظ الفارسية والصينية وعدداً غير قليل من الألفاظ المغولية التي كان الاشتراك في الأصول بينها وبين التركية يسهل احتذاء مثالها بالنظر لكثرة الصلات بين الشعبين. ومن هذه جملة ما أخذه الأتراك قبل الإسلام من جيرانهم حتى إذا انتحلوا الدين الإسلامي تغير كل ذلك. فكانت العربية هي لغة الدين والعلم مصدراً للأتراك يتناولون منها الألفاظ الدينية والعلمية التي تمس حاجتهم إليها وكانت اللغة الفارسية عَلَى أتم نشوؤها ولها آداب رائقة هي لغة الأتراك الأدبية في عامة الأقطار وما الشعر التركي إلا عَلَى مثال الشعر الفارسي وانتشر التهذيب الفارسي من آسيا الوسطى إلى البحر الرومي وكانت له المكانة العليا في كل مكان يتكلم به باللغة التركية التي كانت مفرداتها كثيرة في القديم بفضل طرق الاشتقاق الكثيرة الهينة ولكنها لم تلبث أن افتقرت بما دهمها من الألفاظ العربية الفارسية.
وإنك لترى في النصوص القديمة من لغة الويغور ألفاظاً مثل كوتادغو بيليك وهي من القرن الحادي عشر وهي تكثر في لغة الجغتاي نحو القرن السادس عشر وقد تركت لغة