مجله المقتبس (صفحة 3106)

فأخذت العربية عن اللغة المجاورة لها بعض الألفاظ. فمن ألفاظ القرآن الغير العريقة في العربية إبريق وسجيل. واقتبست اللغة الآرامية اللغة العربية بعض ألفاظها أيضاً فإن اتحاد أصول هاتين اللغتين والمناسبة القوية في تركيبهما قد جعلت الأخذ منها سهلاً للغاية. وكذلك الحال في اللغة العبرانية فقد اقتبست العربية بعض الألفاظ وأكثرها ديني فمنها جهنم وملك واقتبست اللغة الرومية منذ عهد بعيد بعض الألفاظ للغتين العربية والفارسية مثل سجل وسندس وانتقلت هذه إلى العربية ووردت في القرآن عن طريق الفارسية.

ولقد نشأت في فارس لغة صناعية وأعني بها البهلوية واستعملت الخط السامي واستعاضت عن المفردات الإيرانية بما يقوم مقامها من المفردات الآرامية وتصريفها يجمع بين تصريف اللغتين ولكن اللهجة الشائعة من هذه اللغة غير متأثرة كثيراً بالنفوذ الغريب إلى زمن الفتح العربي. ولا حاجة إلى ذكر ما أصاب اللغة الإيرانية من التبدل بالفتح فقد سرت إلى لغة الجمهور ألفاظ كثيرة دينية وعامية. واعتمدت فارس في كتابتها على الخط العربي.

أما الأتراك فالظاهر أنهم لم يقتبسوا ألفاظاً كثيرة من جيرانهم قبل أن يدينوا بالإسلام هذا إذا استثنينا منهم المغول. وربما أخذوا قديماً بعض الألفاظ من الصين وفارس حتى إذا انتحلوا الإسلام كثرت في لغتهم الكلمات العربية والفارسية. ونرى العربية إلى عهد ظهور الإسلام تقتبس من الفارسية والسامية والآرامية خصوصاً واليونانية ودام هذا الاقتباس وارتقى ارتقاءً ظاهراً على عهد خلفاء الأمويين والعباسيين. وظلت اللغات الفارسية والسريانية والرومية بحسب الأقطار لغات الإدارة في المملكة العربية ولا عجب من ثم أن أدخلت إلى لغات الفاتحين عدداً كبيراً من الألفاظ العلمية. وكان من درس فلاسفة يونان ورياضيهم وكيمياوييهم وطبيعييهم أن سرت إلى العربية من اليونانية اصطلاحات علمية.

وفي الحروب الصليبية دخلت إلى اللغة العربية ألفاظ مختلفة اقتبستها من لغات الشعوب التي اختلط بهم المسلمون ولكن ما أخذته هو من الأقاصيص محدود معدود ولم تدخل على اللغة العربية الألفاظ الغريبة إلا في القرون الحديثة الموافقة لارتقاء العمثمانيين في آسيا وأوروبا. أما تأثير اللغات الأوروبية في العربية فلم يكد يشعر به إلى الدور الأخير وهو أقل من ذلك في الفارسية بالنظر لبعدها الجغرافي.

ومن أراد الآن أن يبحث في تأثير كل لغة أوروبية في اللغات الإسلامية منذ زمن النهضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015