أحد الفضلاء الثقات المطلعين على حقيقة أمره أن مسودات رسائله في المجلدات والتعليقات في الأوراق إذا جمعت ما تقصر عن مائة مجلد وكان الحاجب المنصور أبو بكر بن عبد الله بن مسلمة المدعو بالأفطس أديباً جليلاً ومن تآليفه الكتاب المظفري المسمى بالتذكرة في خمسين مجلداً. وكتب عبد اللطيف البغدادي الفيلسوف نحو مئة وخمسين كتاباً وذلك في سياحات له طويلة دامت نحو أربعين سنة ساحها بين العراق والشام ومصر والروم.
ومن المكثرين من التأليف والمتوسعين فيه أحمد بن أبان بن السيد اللغوي الأندلسي يعرف بصاحب الشرطة وهو مصنف كتاب العالم في اللغة نحو مئة مجلد مرتب على الأجناس بدأ بالفلك وختم بالذرة وله في ؤالعربية واللغة كتب أخرى. ومثله ابن سيدة الضرير صاحب المخصص والمحكم وغيره وهو من المكثرين من التأليف والحفظ ومن المكثرين أبو اسحق إبراهيم بن الأعلم البطليوسي له نحو خمسين تأليفاً. وبلغت تآليف محمد أبي طالب القرطبي المتوفى سنة 437 ـ 77 تأليفاً وألف عيسى بن عمر النحوي نيفاً وسبعين مصنفاً في النحو قال سيبويه جمعها بعض أهل اليسار وأتت عنده عليها آفة فذهبت ولم يبق في الوجود سوى كتابين ولو تنافس أهل العلم وغلاة الكتب بمثل هذه الكتب لتعاورتها الأيدي بالنسخ ولما فقدت.
ومن المكثرين من التأليف عالم الأندلس عبد الملك بن حبيب السلمي المتوفى سنة 238 قال المقري رأيت في بعض التواريخ أن تواليفه بلغت ألفاً ومن أشهرها كتاب الواضحة في مذهب مالك. ولأبي عمرو الداني القرطبي من علماء القرآن مئة وعشرون مصنفاً وكان يقول ما رأيت شيئاً قط إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته وآخر من له التآليف الكثيرة من أئمة الأندلس أبو الحسن القلصادي المتوفى سنة 891 وأكثر تصانيفه في الحساب والفرائض.
وممن عرفوا بسعة التأليف أحمد بن أبي عبد الله على مذهب الإمامية فإن ما كتبه بلغ مائة تصنيف عددها ياقوت في معجم الأدباء ومن فقهاء الإمامية أبو النصر العياشي ذكر ابن النديم أسماء كتبه في نحو صفحتين.
ويقال أن تواليف أبي جعفر بن النحاس تزيد على خمسين منها شرح عشرة دواوين للعرب