وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم وفي هذا القول وضع الفخر عَلَى غير أساس ومن أسس بنيانه عَلَى الباطل والغرور أوشك أن يتداعى وأن يخر وظلم للعرب فاحش ومنه ادعاؤهم آدم كأن العرب ليسوا من ولده ومنه انتحالهم موسى وعيسى وزكريا ويحيى وأشباههم من بني إسرائيل وليس بين فارس وبين بني إسرائيل نسب عَلَى ما بينت لك ومنه دفعهم العرب عن قربهم بهؤلاء الأنبياء وهم بنو عمومهم وعصبتهم لأن العرب بنو إسماعيل بن إبراهيم بإجماع الناس فهم بنو أخي اسحق بن إبراهيم وأولى به وأحق بشرفه وأولى بموسى وعيسى وداوود وسليمان وجميع الأنبياء من ولده وقال الله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران عَلَى العالمين) فآل إبراهيم هم ولد اسحق وولد إسماعيل ثم قال (ذرية بعضها من بعض) فأعلمنا أن العرب وبني إسرائيل شيءٌ واحد في النسب وفيما أوحى الله إلى موسى: إني سأقيم لبني إسرائيل من إخوتهم مثلك أجعل كلامي على فيه: يريد أنه يقيم لهم من العرب نبياً مثل موسى يعني محمد صلى الله عليه وسلم وهذا علم من أعلامه وحجة من حججنا على أهل الكتاب من كتبهم فإن قالوا في ذلك أنه يقيم لهم من بني إسرائيل نبياً مثل موسى وقالوا أن بني إسرائيل بعضهم أخوة بعض أكلبهم النظر لأنه لو أراد ذلك لقال لهم من أنفسهم ومنهم كما أن رجلاً لو أراد أن يبعث رسولاً من خندف لم يقل سأبعث رسولاً من أخوة خندف فإن كان دفعهم ولد إسماعيل عن تشابك نسبهم بولد اسحق لنزول إسماعيل الحرم ونكاحه في جرهم فإن الديار قد تتناءى والمحال قد تتباين والرجل قد ينكح في البعيد وقد يولد له من الاماءِ ولا تنقطع الأرحام والأنساب وإن كان إسماعيل نطق بالعربية فليس اختلاف الناس في الألسنة يخرجهم عن نسب آبائهم وإخوانهم وعشائرهم فهؤلاء أهل السريانية قد خالفوا في اللسان أهل العبرانية وهذه الروم كفرت بالله ولا شيء أقطع للعصمة من الكفر وتكلمت بالرومية ورغبت عن لسان آبائها وليس ذلك بمخرجها عن ولادة اسحق بن إبراهيم عَلَى أن إسماعيل لم يكن أول من نطق بالعربية وإنما تعلمها وإنما أصل العربية لليمن لأنهم من ولد يعرب بن قحطان وكان يعرب أول من تكلم بالعربية حين تبلبلت الألسن ببابل وسار حتى نزل اليمن في ولده ومن أتبعه من أهل بيته ثم نطق بعده ثمود بلسانه وشخص حتى نزل الحجر.