يعرف الناس التأثير المضر الذي ينشأ من الإكثار من القتاء. والبصل ما زال منذ بدء العالم يبعث متناوله عَلَى الشفقة ومن يأكلونه فجاً تجد دمعتهم قريبة من مآقيهم والجزر يقوي في الطفل غريزة السلب والكراث يدمث الخلق ويكثر في متناوله الصبر ويجعله كفؤاً للعمل في الزراعة والفجل الأسود يولد السويداء وعَلَى نحاف الأجسام أن يتوقوا تناول البطاطا لأنها سلُّ الهزالى. ومن أراد تقوية عقله فعليه أن يتناول الثوم. ومن أحب السبانخ يتطال إلى المناصب العالية. ومن أكثر من العدس قوي فيه الميل إلى البحث المجهري والأرز يكثر منه البحارة والجرجير يمنع القرعة أما اللوبيا البيضاء فقد قال زولا أنها نافعة لمن يطيرون في المناطيد.
جمال الأصقاع
جمال كل صقع اليوم مورد ثروة لأهله. عرف السويسريون هذه الحقيقة وقدروا ما خصت يد الصانع بلادهم به من بهيج المناظر وجيد الماء والهواء فتوفروا عَلَى تهيئة أسباب الراحة في جبالهم وأوديتهم وسهولهم وبحيراتهم وأنهارهم فقد كان سكان سويسرا سنة 1889: 2، 933، 300 وكان يلحق الفرد منهم من الثروة 72 فرنكاً ونصف ومابرح عدد السائحين الذين يأتون يزيد حتى بلغ عدد من زاروها سنة 1899 مليونين ونصفاً وعدل ما تركه كل واحد منهم من الربح 98 فرنكاً فارتفعت ثروة كل فرد أواخر سنة 1899 إلى 152 فرنكاً ونصف. وهكذا بعد أن كانت هذه البلاد من أفقر بلاد العالم أصبحت من أغناها لأنها من أجملها. ثم أن لسويسرا من معاملها مورد ثروة آخر فقد بان بالإحصاء أنها تخرج كل سنة 917 مليون فرنك من مصنوعاتها عَلَى أن جمال أقاليمها هو أهم مورد لغناها. ولذلك تراها تنشيءُ كل يوم العمارات الجديدة التي تستوفي فيها شروط الراحة والرفاهية فلا يلبث المال الذي يدخل تلك الفنادق أن يتسرب إلى جيوب الفلاحين في أصغر قرية. وفي الفنادق السويسرية من أنواع البذخ ومعدات الحضارة مالا تكاد تجد مثله في نيس ومونتيكارلو وقد كان عدد أعضاء جمعية أرباب الفنادق السويسرية سنة 1900 828 عضواً ولها 65، 220 سريراً للسياح وتصدر باسمها جرائد وتنشر صور بلاد سويسرا الجميلة عَلَى جدران العالم المتمدن وتفرق بالألوان كتباً تدل السائح عَلَى ما في سويسرا من مظاهر الراحة والظرف والصحة. ولو أحذت سورية هذا المثال لما أتت بضع سنين إلا