اللازمة لعمران تلك البلاد بدأ يدرس طرق الري القديمة وما يلزمها من الإصلاح فاستفاد من ذلك فائدتين أساسيتين الأولى كثرة نفع الماء الخالي مما يحمله عادة كالوحل والحكاكات والثانية لزوم اتخاذ الاحتياطات لمنع الفيضانات وأن الأثني عشر مهندساً الذين ساعدوه في بغداد كانوا بينوا له أنهم قادرون على القيام بهذين العملين فعرضوا على الحكومة قبل ذلك طريقة للتخلص من فيضان ماء الفرات حتى مهابط نهر بيزون القديم وقدر المال اللازم لذلك بثلاثمائة وخمسين ألف ليرة والوقت بثلاث سنين وبذلك تصبح الأرض قابلة للزرع مضاعفة ومحصولات الحنطة تبلغ ثلاثة أضعاف أما المزارعون اليوم فإنهم لا يجرأون على زرع الأراضي بالبذور اللازمة وكذلك هم يحسبون أنهم يخسرون كل شيء في السنة السالفة.
ومشروع اليوم هو القناة الوسطى الكبرى في أرض الدلتا اللازمة لري 3، 000، 000 فدان من أحسن أراضي العراق لريها بماءٍ نقي ففي الشمال الغربي من بغداد بين دجلة والفرات انخفاض في الأرض يسمى بحيرة عكار كف ومساحتها إذا كان ماؤها على أقل درجاته أربعون ميلاً مربعاً وإذا كانت مملوءة ثلاثمائة ميل مربع وانخفاض سطحها عن الفرات خمسة وثلاثون قدماً وعن دجلة عشرة أقدام وإلى هذا المنخفض من الأرض يأتي نهر الصقلاويه وهو فرع من الفرات عرض قناته 240 قدماً وعمقها 25 قدماً وينقسم عند وصوله إليها من الغرب إلى نحو عشرين فرعاً.
وعند اتصاله بالفرات يلزم أن يوضع له معياران قويان يعينان الماء المار فيه وكذلك يوضع للفرات سد بعد مفرق فرع الصقلاويه لتنظيم مجرى ماء الفرات نفسه. إن ما تقدم من الأعمال يؤمن وصول الماء من الفرات وأما من جهة دجلة فإن المهندسين ارتأوا وضع سكر في البلد عند حاجز عكار كف وبهذه الواسطة يمكن أن يحفر له فرع لري الأرض المخصبة الواقعة شمال بغداد ويصنع لهذا الفرع منفذ إلى البحيرة المذكورة فيحفظ قناته من الوحل ويصل دجلة بالبحيرة وهكذا يحصل الزارعون على ما يلزمهم من الماء من النهرين المنصبين في تلك البحيرة من غربها وشمالها وأما من جهتها الجنوبية والشرقية القريبة من بغداد فيحفر قناة توازي ضفة دجلة اليمنى وتنتهي في الحي وهذه القناة تكفي لري ستة ملايين فدان.