ويدمجونهم في جملتهم حتى بلغوا الجنوب واحتفظ الدروز ببلادهم بما فيهم من الشدة والإباء.
وزعم بعضهم أن الموارنة لم يسكنوا كسروان قبل القرن السادس عشر للميلاد لأنه لا يوجد بين أديار كسروان اليوم دير واحد يسبق عهده القرن السابع عشر وأن جبيل والبترون كانتا على الحياد مع الصليبيين فلم تنحازا إليهم ولا للمسلمين أصحاب البلاد إلا أن هذا لم يمنع من الرواية الثانية من ممالاة الموارنة للصليبيين ودلالتهم على الطرق ونجدتهم (1) لهم وثباتهم معهم على العهد إلى النهاية حتى خرجوا من سورية سنة 1302 م ومن أجل هذا اضطر حكام البلاد أن يحرقوا ويقتلوا ويسبوا بعض القرى القريبة من طرابلس مثل أهدن وبقوفا وحصرون وكفرسارون والحدث.
وما برح لبنان ينقسم بين أمراء المقاطعات يحكمونه على النحو الذي كانت عليه صورة الحكم في البلاد العثمانية قبل تنظيم الولايات. يقوي اليمانيون تارة والقيسيون أخرى والناس معهم في أمر مريج ومن التحزبات القيسية واليمانية ما وقع في الربع الأول من القرن السادس عشر للميلاد بين الأمير فخر الدين المعني القيسي وجمال الدين الأرسلاني اليمني. قال المقريزي وعشير الشام فرقتان قيس ويمن لا يتفقان قط وفي كل قليل يثور بعضهم على بعض.
ونشأ حزب آخر وهو الحزب اليزبكي نسبة إلى يزبك جد الشيخ عبد السلام العماد زعيمه والجنبلاطي نسبة إلى الشيخ علي جنبلاط زعيمه الآخر وذلك سنة 1729_1754 وامتد في لبنان ولم يزل له أثر كما نشأت أحزاب أخرى كالمعلوفي والمكارمي ومثل هذه الأحزاب قد لا تخلو من حدوث فتن تهرق فيها الدماء وتكثر الأيامي والإماء كما فعل الحماديون وأحرقوا بلاد جبيل والبترون فخربت جميعها ونزح سكانها إلى بلاد ابن معن وكانت العداوة بين بني سيفا وبني معن سبباً في تخريب الجبل أيضاً.
ومن الوقائع التي يتمت فيها الأطفال تلك الوقعة التي جرت في القرن العاشر عقيب أن نهب بعض أمراء لبنان الصرة السلطانية من جون عكا بينما كانت محمولة إلى الأستانة فجمع إبراهيم باشا صهر السلطان مراد بن السلطان سليم العساكر من مصر وقبرص ودمشق وحلب وقدم بها مرج عرجموش قرب زحلة وأمسك طريق البحر والبقاع على