ميتين أو يموتون في الشهور الأولى من ولادتهم بسبب هذا الطاعون ومن يعيش منهم يبقون في عاهات وسقوط نفسي وجسدي كاحديداب ظهورهم ووقر في آذانهم وعقلة في ألسنتهم وضعف في قواهم العقلية وبلاهة وحمق. فأي شاب عاقل يعرض أولاده لهذا المرض بصنعه ويورثه هذه المصائب ولا تؤاخذه نفسه على ما أتى قائلاً أنه يكفر عن سيئات ارتكبها ويؤخذ بجنايات أتاها دع عنك ما ينال الشخص نفسه من ضعف القوى العقلية وضعف النشاط والفتاء مما يجعل فيه استعداداً للسل وللأمراض العصبية والعقلية فمن يسرف في حبه على صورة دنيئة جنونية يوشك أن يهينه ولا يهين المرء حبه إلا إذا أهان نفسه فقد قيل ما من امرئ يأتي ما يخجل منه بدون أن يصدر عنه ببعض المقت والقذارة. وبهذا رأيتم أن العفة تطالبكم بالاحتفاظ بها لا للحيطة على النفس فقط بل حرصاً عليها من التدنس والعار.
وأني لأعجب لمن يعمد إلى إغواء فتاة ثم لا يعلم أنه كما تدين تدان ويستاءُ إذا بلغه أن أخته أو إحدى أقاربه قد اتخذت لها خليلاً حتى يكاد يموت خجلاً وربما أدى به ذلك إلى ارتكاب الجنايات. وأني لأرثى لحال تلك الفتاة التي أُغويت وتركها مغويها بما فيه من دناءة. ومن قال بأن جريمته تغتفر إذا استفاد من فتاة أغواها قبله إنسان فهو شريكه في الجرم لا محالة ومن أمثال هؤلاء الشبان كثر العهر والفجور أحد الأدواء الاجتماعية في هذا المجتمع. فمن دناءة الطبع أن يبيع المرء جسمه من كل طالب فهل ترون أقل دناءة من يبتاع جسم غيره؟ فقد قال فيكتور هوغو كلاماً حرياً بالإمعان:
يقولون أن الرق زال من الحضارة وهذا وهم لأنه ما زال بحاله ولكنه رق لا تنوءُ تحت عبئه إلا المرأة وهو ما يسمى بالعهر. لا يثقل على المرأة أي على اللطف والضعف والجمال والأمومة وذلك من موجبات الخجل للرجل.
وأن من يقول أن الشاب بما يأتي يقوم بواجب طبيعي لا نجيبه إلا بأن ما يعمله هو من نتائج التفكر. ويتأتى له أن يفلت من مخالب هذه المفاسد إذا صحت عزيمته وسلمت إرادته فالإرادة وحدها هي الباعثة عَلَى الشهوات وإذا قيل أن مقاومة الطبيعة صعبة فإنا نقول بأن ما يصرف من القوى في جهاد النفس والهوى أقل مما يسرف منها إذا سار المرء بما تمليه فطرته الرديئة. ومن خلص نفسه من هذه المآزق كان خليقاً بأن يعد مالك نفسه ثبت الإرادة