مجله المقتبس (صفحة 2765)

ووضع الأسلاك البرقية. وبالجملة فإن إنشاء سكة حديد الحجاز قامت بأيدي العاملين من المسلمين ما خلا مهندس ألماني واحد اسمه المسيو مايسنر.

يسير هذا الخط من دمشق إلى المدينة متجهاً من الشمال إلى الجنوب وجهته متوازية مع طريق الفواقل الذي لا يبعد عنه إلا في بعض المحال وذلك تفادياً من الصعوبات في تمديده ويمتد عَلَى القسم الأعظم من الطريق عَلَى سطح يرتفع بالتدريج من الشاطئ 898 متراً فوق سطح البحر إلى دمشق حتى إذا كان في الكيلومتر 888 فما بعده ينزل حتى يبلغ المدينة فيصير عَلَى 700 متر من سطح البحر بعد أن يكون بلغ في محطة الهدية أي في الكيلومتر 1126 - 345 متراً من سطح البحر.

وقد أرد بادئَ بدءِ تمديد الخط من درعا والاكتفاء من دمشق إليها بالخط الذي كانت مدته شركة فرنسوية ولها الحق بالشعبة التي تصل بين درعا ومرفأ حيفا على البحر المتوسط. وهي شعبة مهمة للغاية لسكة حديد الحجاز لأنها تصله مباشرة بالبحر وبعد أخذ ورد طويل ترك تمديد الخط من درعا إلى حيفا لسكة حديد الحجاز ولكن لم يتيسر الاتفاق عَلَى إعطاء الحق الأصلي من دمشق إلى درعا لإدارة سكة الحجاز فمن ثم اضطرت هذه الإدارة أن تجعل دمشق مركز سيرها وتبني خطاً جديداً موازياً للخط الأول بين دمشق ودرعا. ويجتاز الخط بين هذين البلدين ببلاد حوران وهي إقليم غني بالجملة وكان قديماً انبار رومية ويزيد غناه بفضل خصب التربة فيه ويرتقي كما هو المأمول ارتقاءً حسناً إذا تيسر له الخلاص من عصابات قطاع الطرق التي تعيث فساداً في أرجائه ويجتاز الخط بعد درعا وجهة متآزية مع جبال موآب التي تمتد عَلَى شواطئ بحيرة لوط ويقطع صقعاً متموجاً بالزروع ومغطى بالمراعي يسير فيه البدو ومعهم قطارات من الجمال. وفي ذاك الإقليم تجد مدينة عمان القديمة التي لا تزال آثارها ماثلة للعيان.

وبعد ذلك يصل الخط إلى بادية العربية الصخرية أو السعيدة ومن تلك النقطة تبدأ الصعوبة في الحصول عَلَى الماء الضروري لتسيير القطارات وشرب الركاب. وعند الكيلومتر 458 أي من محطة معان تصل إلى واحة ذات حدائق ونخيل تسقيها عينان نضاختان مياهها باردة صافية وفي جوار هذه المحطة خرائب مدينة بترا القديمة.

ومن بعد معان إلى العلا والمدينة تتبدل هيئة البلاد كل التبدل فتشتبك بجبال عالية قد تبلغ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015