يتكلمون بالتركية المحرفة قليلاً ويقال أن أصلهم من التركمان نزلوا هذه القرية منذ سنين واختلطوا بأهل الجبل، وكان بالقرب من قلدون ثلاث مزارع يتكلم أهلها بالتركية أيضاً وهي دنحا وخربوشة والكنيسة إلا أنها دثرت، وعلى مقربة من معلولا قرية عين التينة وكان أهلها كما يقول جيرانهم المسيحيون نصارى يعافبة دانوا كلهم بالإسلام منذ زهاء قرنين وقلبوا الأوضاع المسيحية بأوضاع إسلامية حتى لقم يطلقون على بيت الخوري بيت الحوري بالإهمال وفي هذه القرية شجر الفستق القديم ولا يزال ينقرض لأن أهلها لا يجددون غرسه وهذه القرية هي الوحيدة في قرى ولاية سورية التي تخرج الفستق وهو من أحسن الأنواع لا يكاد يضاهيه بجودته فستق روم قلعة من أعمال حلب.
طفت هذا الشهر أمهات قرى قلمون وكنت زرتها منذ عشر سنين فرأيت عليها مسحة من الارتقاء أتتها في الغالب من المال الذي جناه من أميركا المهاجرون من القلمونيين ففي قرية معرة صيدنايا وصيدنايا ويبرود ودير عطية مثلاً بيوت جميلة أقيمت بالحجر الصلد النحيت مثل بيوت لبنان الجديدة ومن البيوت ما كلفت ألفي ليرة وربما أكثر أما سائر معالم الجبل فظلت على حالها أو ارتقت بعض الشيء بطبيعة الزمن، وقد اشترك في الهجرة إلى أميركا سكان الجبل من المسلمين والمسيحيين إلا أن عدد هؤلاء أكثر والناجحين منهم أوفر ويقدرون عدد المهاجرين من الجبل بنحو أربعة آلاف رجل نجح منهم في الأكثر من اعتادوا شظف العيش مثل مهاجري دير عطية والنبك وصيدنايا والمعرة ومعلولا وقارة أما المترفون أو الذين اعتادوا الترف قليلاً فأخفق سعيهم وانقطعوا أو كادوا لقلة ذات أيديهم، ولا يعلم على وجه الصحة ما يبعث به المهاجرون القلمونيون من النقود كل سنة إذ ليس ثمة إحصاء مدقق وغاية ما يقال ومنه يستنتج ما يقرب من الحقيقة أن معدل عدد الرسائل التي ترد من المهاجرين كل سنة إلى أهلهم في الجبل يبلغ ثمانمائة رسالة، هذا في القرى التابعة لقضاء النبك وهي مركز الجبل ومزدحم الأقدام وفيه من القرى 28 قرية و 12 مزرعة، وباقي قرى الجبل وهي 13 قرية تابعة لقضاء دومه فإذا فرضنا أنه يأتي من المهاجرين في السنة ألف رسالة وهو أقل تعديل ولا يكتب لأهله إلا الناجح منهم في العادة ويرسل كل واحد ثلاثين ليرة فيكون معدل ما يصل من النقود إلى قلمون ثلاثين ألف ليرة، وهو مبلغ لا يستخف به بالنسبة لفقر الجبل ولو كان هذا المال يأتيه مع توفر العناية