تخلى عن الشعر منذ ذاك العهد وأنشأ ينشئ في جريدة مورنن بوست مقالات يجادل بها خصومه أشد جدال في معنى الثورة مما دل على فكر متقلقل يذهب مذاهب الخيال بحس بالأحوال. وسعى أحد أصدقائه فأنقذه من تعاطي الأفيون تلك العادة الخبيثة الشائعة في الشرق فخلصه بذلك من الجنون وجاءت المنية على الأثر فاختطفته دون أن يتم أعماله العلمية فعهد إلى زوجه أن تنشرها بعده.
وكان نفوذ هذا الشاعر الحكيم قوياً في إنكلترا لما عرف به من حب الحكمة وأثر عنه من الكتابات الدينية وجاء من حيث شعره مبشراً بالشاعر بيرون ومملياً على قلبه وروحه فقد استظهر بيرون قطعة صالحة من قصائده كانت له عوناً على الرسوخ في ملكة الشعر. يقول كتاب التراجم الناقدون لو كتب لكولريج أن يتخلى عن الدينيات والسياسيات لجاء منه أعظم شعراء عصره وكان أحد الأحدين غير مدافع وذلك لما خض به من الاقتدار العقلي وسعة التعبير ولطف الأداء. قالوا وكان حديثه مطرباً في الغاية حتى أن إحدى الحانات الغنية في لندن كانت تنقده مبلغاً جسيماً من المال ليحضر إليها ويتسامر وبعض المختلفين إليها. وشبهوا أعماله العلمية بقصر ناقص ترى كل ما فيه هائلاً جميلاً فخيماً ولكن لا تشهد فيه شيئاً قد تم على أصله. وسبب ذلك تلونه في مشربه ومذهبه. والثبات على مبدأ من أقوى عوامل الانتفاع بالرجال.