واستغرق في النوم، ولكن البوليس لم يغمض له جفن.
وكان الهواء يزداد رداءة، وقبل الفجر بقليل هبت عاصفة شديدة يصحبها برق ورعد، ولكن ماتيو لم ينتبه البتة بل ظل مستغرقاً في النوم.
وكان الظلام لم يزل سائداً عندما لحظ البوليس أن الأعمى نهض بتأن ومشى على رؤوس أصابعه نحو الباب، وكان يتقدم ببطء ولكن حركاته ليست حركات من فقد بصره.
وهنا تلاشى الشك الأخير من نفس نكارتر، لقد شك به أثناء المعركة ولكنه تأكد الآن أن كراب كان من النوع المسمى (نكتالوب) والنكنتالوبيا هي خاصة في العين تمنعها من النظر إلا في النور الضعيف أو الظلام الحالك وهي واضحة في الهررة الداجنة التي تبصر ليلاً كما تبصر نهاراً.
وهذه الحالة نادرة جداً بين بني الإنسان ولكن نكارتر نظر مشهدها فكان كراب في النهار أعمى ولكنه يبصر جيداً في الليل.
وقد قدر أن يخدع جميع من شاهده حتى أصدقاءه الأخصاء فإنهم كانوا يعتقدون أنه فقد بصره تماماً، ولكن لما أطلق النار رغم إرادته فصرع الرجل الذي استهدفه كأبرع صياد كشف سره لنكارتر.
وهذا الاكتشاف زاد شبهة كارتر فجزم بأن كراب هو سارق الماسة دون غيره، وكان عليه أن يعرف مخبأها، ولم يفكر بإيقافه بل حاذر كل ما من شأنه أن يلقي الريب في نفس الأعمى قبل أن يعرف مخبأ الماسة.
إن هذا النكتالوب أظهر مهارة فائقة لا في سرقة الماسة فقط بل بتغييبها على شكل غامض حتى لم يجدوها معه ولا في ثيابه، فكان البوليس متكلاً على الصدفة وأن يدع السارق أميناً.
ولهذا لم يعارضه حين خرج تحت المطر المتساقط كأفواه القرب بل نهض بتأن ليتبعه.
إن الثبات الذي كان يسير به كراب في تلك الأرض الوعرة والمغطاة بالعوسج وليس فيها طريق مطروق أذهل البوليس إذ أنه على الرغم من نظره الثاقب ومن اعتياده المسير في الليل والنهار بين الوعور والآكام كان يبذل جهداً شديداً كي لا تزل به القدم.
وكان كراب يتقدم دون تردد ولا تأخر وبدأ بالنزول على الصخر إلى مصب النهر فضاق صدر نكارتر لأنه لم يعلم كيف يتبع النكتالوب في هذه الليلة الحالكة فوقف لحظة ليفكر