أهالي العراق قاطبة وأهالي سورية طراً وما شاكلهما عن غير وارث يرثهم فتغدو الأراضي محلولة بأجمعها ولم يكتب لنا المؤرخون عن ذلك شيئاً ولذلك أعتقد أن أراضي سورية والعراق وما شاكلها من الأراضي الخراجية أراض مملوكة يجب أن تكون ملك صاحبها ولا يسعني التفصيل هنا لئلا أبعد عن الموضوع وسبب ذكر أنواع الأراضي تمهيداً لجرح ما قيل من جواز أخذ الضريبة عن المواشي.
وذلك أن الحكومة العثمانية لما كانت مالكة لرقبة الأراضي والغنم والدواب ترعى في بقعة من تلك الأراضي التي تنبت عشباً وإن محصول الأراضي الأميرية تدفع العشر من محصولها غير أن الشب تأكله الدواب وأن الدواب تثمر ولها ريع وثمرها وريعها يتوقفان على الرعي فقد لزم أخذ عشر العشب ضريبة على المواشي وعليه رفع العشر ومنعت الضرائب عن المراعي على أن المراعي والبيادر والحراج المتروكة للاحتطاب ومحال الأسواق والطرق العامة عدت من الأراضي العمومية المتروكة للرعية التي لا يجب أخذ ضريبة عنها إلا ما كان مقيداً بالدفتر الخاقاني بأن يدفع ضريبة وما كان من الأماكن التي تعد يايلاقاً أوقيشلاقاً وخصص لقرية أو قرى متعددة فتؤخذ على ذلك ضريبة يقال لها يايلاقية وقيشلاقية بحسب قانون الأراضي.
بيد أن المواشي التي ترعى في المراعي العمومية والتي لم تكن عليها ضريبة والتي ترعى في المنازل الصيفية والمنازل الشتوية وما شابهها بل حتى التي ترعى في أراضي صاحبها تدفع ضريبة التعداد وقيل أيضاً لما كان تعيين عشر العشب صعباً رأوا أن يؤخذ العشر ممن رعى الأرض بصورة ضريبة على المواشي فجعلوا في بادئ الأمر رسم التعداد عشر الدواب أي نعجة عن كل عشر نعاج أو شاة عن كل عشر شياه فلوا ردنا أن نعرّف ضريبة المواشي على حسب هذه التفصيلات لقلنا أنها عشر العشب غير أن السبب الحقيقي في أخذ هذه الضريبة غير ما ذكرناه لأن الأصل في دعوى ملك الأرض فاسد وعلى ذلك يكون الفرع فاسداً.
ولما كانت الحكومات تحمل الأمة ما تحتاج إليه من نفقة وتأدية ديون وأرادت أن توزع تلك النفقات والديون على ضرائب متنوعة ليخف حملها على الأمة جعلت على المواشي قسماً بدعوى أن المواشي وأصحابها تستفيد من خدمة الحكومة في حفظها من الغارة والنهب