عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير. وقاتلوا المشركين كافة واعلموا أن الله مع المتقين. قاتلوهم أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم أملهم ينتهون. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. واقتلوهم حيث تقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم.)
ولم يفكروا في سياق الكلام ومواضعه وأسباب نزوله فظنوا أن القتال شرع في الإسلام لحمل الناس على الاعتقاد به فكان ذلك الظن أكبر جرم على ذلك الدين الحنيف الذي تنزه عن مثل هذه الخشونة وتلك القسوة وذلك أن الأمور الاعتقادية لا تقبلها الناس إلا بالبرهان لا بالقوة والسلطان فمن قبلها منهم مكرهاً مرغماً لا يطمئن لقلبه وإذن لا فائدة من قبوله إياها. وإنما كان يتعرض المسلمون لمن آذاهم بسبب الأمور الدنيوية المدنية أو بسبب ظهورهم بدين جديد كانوا يدعون الناس إليه بالحسنى والموعظة الحسنة وليس عليهم هدى الناس وإنما الله يهدي من يشاء فمن آمن بالله فله إيمانه ومن كفر فعليه كفره وليس لهم على أحد من سلطان. هذه حال المسلمين مع من يدعونهم إلى الإسلام ولكن رؤساء بعض المدعوين ضنوا برياستهم على الزوال وأبوا ألا أن يصدوا المسلمين عن سبيل الله التي تسهل على مرؤوسيهم وعبادهم الفرا من مظالمهم إلى فضاء العدل والإحسان.
غير أن هذه الحروب قد أفادت الأمة العربية الإسلامية فوائد جمة من أجلها الغنائم التي أغنت المهاجرين عما فقدوه بالهجرة والأنصار عما ذهب في إكرامهم إخوانهم المهاجرين فشغل بذلك الرعب عن غزو بعضهم بعضاً وعن إثارة الفتن الداخلية فلما فتروا عن الحرب هنيهة إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع كثير منهم عن دفع الزكاة فاستباح أبو بكر رضي الله تعالى عنه قتالهم فردهم إلى الإسلام عنوة ورأى أن يتم بعد ذلك ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم من غزو الفرس والشام ليشغل العرب عن التفرق والخصومات والنزاع الداخلي والرجوع إلى التفرق ديناً ودنيا فأنفذ جيش أسامة ليضرب الأعداء بالعرب فإن ذلك خير من أن يضرب بعض العرب ببعض إذا لم يشغلهم بحرب غيرهم وكذلك رأى عمر رضي الله تعالى عنه من بعده فدوخ بجيوشه وأبطالهم خالد والمثنى وأبي عبيدة وعمرو الأعداء وفتح البلاد لتكون موارد خير للأمة العربية وليرفع عن تلك البلاد التي فتحها الإسلام ظلم الرومان والفرس الذي بلغ إذ ذاك أشده كما كانت حاله في فتح مصر وأمرها معروف وأباح له ولأبي بكر حرب الروم وفتح لذانهم ما أباح