وآسيا الصغرى والحجاز وآخر رحلاته رحلته إلى بلاد الحبشة في مهمة من السلطان العثماني إلى الإمبراطور منليك الحبشي فلم يشأ أن يضيع رحلاته في الطعام والمنام والسلام والكلام بل قيدها بالورق ونشر بعضها بالتركية فعز على نسيبه أن لا ينتفع برحلته إلى الحبشة عند العرب فعرباها تعريباً متقناً وفيها وصف بلاد النجاشي وصورة مصغرة من تاريخها الحاضر والغابر واجتماعها وأصول سكانها وعاداتهم وإدارتها وصلاتها ببلاد الإسلام ومشاهيرها أمس واليوم بحيث جاء الكتاب مرجعاً لأبناء هذه اللغة وسوف تنتفع به الأجيال المقبلة كما ننتفع نحن الآن برحلة ابن جبير وابن بطوطة وغيرهما من رحالة العرب والعجم. وكتب الرحلات من أنفع كتب العمران والحضارة وفي هذا الكتاب صور بعض المشاهير من الأحباش وغيرهم وبعض الرسوم والمصورات على نحو الرحلات الإفرنجية.
تركيا الجديدة
لجميل أفندي معلوف طبع بمطبعة المناظر في سان باولو من بلاد
برازيل (ص 154)
كتاب أجاد مؤلفه في وضعه أتى فيه على أسباب الانقلاب العثماني وتاريخه وقسمه إلى ستة كتب الكتاب الأول في أسباب الانحطاط في الشرق والثاني في تفرنج الشرقيين والثالث في التعليم والرابع في القانون الأساسي والخامس في الديانة السياسية والسادس أبقاءٌ أم فناء. كل ذلك مكتوب بقلم يدل على أن للمؤلف جولة في المسائل السياسية والاجتماعية وذوقاً في التأليف والتأثير في الأفكار ومن رأيه أن الثورة الأخيرة في السلطنة كانت لقلب مبدأ لا للانتقام من شخص ولو كانت شخصية لفشلت لأن كثيراً من ملوك بني عثمان قتلوا ولم ينتج من قتلهم فائدة للبلاد بخلاف هذه الثورة التي أشبهت ثورتي فرنسا وأميركا اللتين أريد بهما قلب المبادئ لا نقل السلطة من مستبد إلى يد مستبد آخر.
قال ولا بد أن يعقب هذا الانقلاب السياسي الصغير ثورة أدبية عظيمة ضد المبادئ القديمة كلها فيثور الابن عَلَى أبيه والمرأة على زوجها والخادم على سيده والرعية على كاهنها وشيخها ورجال الدين على كتبهم وأبناء اليوم جميعاً سيثورون على خرافات أجدادهم ويبرزون أمام العالم أمة جديدة مجردة من كلا علاقة مع الأجيال الماضية.