نهتد إلى الطريقة المثلى في النوم فإن أردت يا هذا أن تنام فعليك أن تتخذ لك غرفة بعيدة عن الضجة خالية من الأنوار الصناعية والحيوانات والزهور والأثاث والبسط وأن تكون معرضة كل التعرض للتهوية حتى في الشتاء وأن يكون الفراش منحنياً قليلاً من الرأس إلى الأقدام بحيث ترتاح فيها الأعضاء جيداً وأن يتخذ الفراش من الصوف وتكون المخدة لا رخوة ولا يابسة وأن يختار من الغطاء الخفيف ومن الوسائد القليلة التضاعيف والنعومة وعليك أن تنام بعد الأكل بساعتين أو ثلاث فالأولى أن لا تغفي الجفون إلا بعد أن يتم الهضم على أن الأستاذ هالوبو ينصح للمشتغلين بالأشغال العقلية أن يناموا بعد الأكل ومن رأيه أن الواجب ترك الدماغ يستريح خلال الهضم. وخير طريقة يعمد إليها الفيلسوف والشاعر في نومهما هو أن يقطعا الليل شطرين وذلك بأن يناما بعد العشاء حتى الساعة الواحدة صباحاً (بعد نصف الليل) ثم يأخذان في الاشتغال ثلاث ساعات قبل أن يعاودا النوم وينبغي لهما أن لا يتخليا عن القيلولة في خلال أيام القيظ ويفضل النوم منفرداً وعلى النائم أن يختار وسط الفراش لينام هنيئاً وترتاح أعصابه وتنبسط وأن لا ينهض وذراعاه فوق رأسه كما يفعل بعض النساء تدللاً لأن ذلك مما يخالف نواميس الفسيولوجيا فإذا صدر النائم صفحة وجهه كثيراً يتعب أعصاب ذراعيه وأعصاب صدره وينقبض عنقه ويهز تنفسه فلا يمتد طويلاً وعليه فالواجب أن يكون الرأس واطئاً ما أمكن حتى يتسرب الدم إلى الدماغ على صورة منتظمة وأن يتمدد الجسم كل التمدد وأن لا ينثني الساقان وأن لا يشبك أحدهما مع الآخر وأن لا ترفع الركبتان ولا ينفع النوم مستلقياً على الظهر ويؤكد بعض الأطباء أن هذا الضرب من النوم بالاستلقاء يحدث أرقاً مضنياً أو كابوساً أو أضغاث أحلام والنوم على الشق الأيسر أصعب حالاً من الاستلقاء أيضاً لأنه يوقف الهضم ويؤدي إلى ضيق التنفس والاختناق وإلى حدوث حركات في القلب تضغط عليه وتؤذيه. وعلى النائم أن لا ينام وبطنه منبسط فالأفضل أن ينام المرء على جانبه الأيمن لما في ذلك من النفع للحواس وعلى هذه الطريقة ينبغي لنا تعويد أولادنا وأن نقتصر نحن أيضاً أن ننام مثلهم.
وإذا حدث لنا أرق فالواجب علينا أن نعمد إلى الطرق البسيطة لجلب الكرى إلى العيون وذلك بالمشي والاستحمام قبل النوم ولا ينبغي أخذ شيءٍ من العقاقير والمخدرات لأنها ضارة وتأثيرها مؤقت لا يلبث أن يزول هذا وعلى كل إنسان أن لا يغفل أمر النوم فقد قال