لقوام جسمه من المطعم والمسكن لتستفيد بلاده منه إذا جادت صحته وسلمت آدابه.
هناك من يتأثر المحسن إذا رأى أولاداً يأكلون قليلاً لفقرهم ويطعمون أردأ الأطعمة ويشفق الفسيولوجي على الفتيات العاملات لقلة ما يدخل معدهن من الطعام المغذي ويهتم الأخلاقي إذا رأى ابنة تهيم في الشوارع على وجهها لتملأ بطنها. ولذلك قام فيهم أمثال الأميرة دي غال (الملكة فيكتوريا) في لندره ومرغريتا مورجانستين في برلين وروتشيلد في باريز وغيرهم أو غيرهن في عواصم الغرب وقواعده حيث تصعب المعيشة لازدحام أقدام السكان.
ولم يرَ القوم هناك أحسن من إنشاءِ مطاعم الشعب على النحو الذي أسسه جماعة من محسني اليونان في الإسكندرية يأكل كل فيها العامل أو العاملة هنيئاً مريئاً لقاءَ دريهمات تمكنه حالته من أدائها كل يوم. وكانت سويسرا هي السابقة إلى إنشاء أمثال هذه المطاعم والاستكثار منها وبعضها مما أنشأه النساء. وكم للنساء في الغرب من يد في الخبرات كما لهن أيد في غيرها.
رأى أصحاب المعامل هناك أن مصلحتهم تقضي عليهم بأن يتغذى عملتهم تغذية جيدة فأنشئوا لهم مطاعم يبيعونهم فيها جيد الطعام بثمن بخس وذلك لأن هذه المطاعم لا يقيد من أربابها ربحاً كثيراً بل يطلبون أن تقوم بنفقاتها فقط وتسر عملتهم وتقتصد لهم من أوقاتهم ومالهم وتنفعهم في صحتهم وتدفع عادية الأمراض عنهم. وقد أسست في باريز مدرسة عالية أشبه بكلية للشعب وفي جوارها مطاعم للتلاميذ يتناولون طعاماً جيداً بثمن بخس كما يتعلمون مجاناً.
وزاد عدد هذه المطاعم في أوروبا في العهد الأخير ولاسيما في انكلترا والسويد والنروج وسويسرا وألمانيا وفرنسا بسبب كثرة المدارس التي يتعلم فيها الفتيات فن الطبخ وتدبير المنزل فيعانين صنع ألوان الطعام ليتعلمن بالعمل وكل ما زاد منه ترسله إدارات المدارس إلى مطاعم أنشأتها في الجوار لتبتاعها العملة والعاملات ولاسيما العاملات بثمن قليل.
ولا تتوخى معظم تلك الشركات والجمعيات الربح من تأسيس مطاعم الشعب وقد رأت بعضها أن تحدد القدر المقتضي لرأس المال من الأرباح وما زاد عنه وهو قليل أيضاً يستعين به على إنشاء مطاعم أخرى في أحياء أخرى أو مدن أخرى. وكانت انكلترا بدأت